يواصل مسؤولو الإدارة الأمريكية توزيع الاتهامات وصكوك البراءة على شخصيات سياسية عالمية وفقاً لأهوائهم ومصالحهم، فتارة يصف الرئيس الأمريكي جو بايدن، وبكل وقاحة، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ”القاتل”، وتارة أخرى يمتنع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن عن وصف ولي عهد النظام السعودي، محمد بن سلمان بالقاتل.
فخلال مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية سألت المذيعة وزير الخارجية الأمريكي فيما إذا كان يعتبر ولي العهد السعودي قاتلاً في ضوء تقرير للاستخبارات الأمريكية صدر مؤخراً ووصف ابن سلمان بالمسؤول عن اغتيال الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي، امتنع بلينكن عن اعتبار ابن سلمان قاتلاً، مبرراً ذلك بأن “تمزيق العلاقة مع الرياض لن يساعدنا في الواقع على تعزيز مصالحنا أو قيمنا”.
ولفتت المحاورة بهذا الصدد إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي لم يتردد بوصف الرئيس بوتين بأنه “قاتل”، لم يفعل ذلك بحق محمد بن سلمان، وأن إدارته لم تعاقب ولي عهد المملكة مباشرة بسبب مقتل خاشقجي.
رد الوزير الأمريكي قائلاً: “يتعين علينا -ونقوم بذلك فعلاً- أن نتعامل كل يوم في جميع أنحاء العالم مع قادة البلدان الذين يقومون بأشياء نجدها إما مرفوضة أو بغيضة؛ ولكن في ما يتعلق بتعزيز مصلحتنا فعلياً والنهوض بقيمنا، من المهم التعامل معهم”.
المسألة من وجهة نظر الوزير ، تتعلق بما سماه “القيم الأمريكية”!، وهنا لا بد لمتابع للتاريخ السياسي الأمريكي أن يقف متأملاً بتلك القيم المزعومة التي دفعت الأمريكيين الأوائل المهاجرين من أوروبا، لإبادة مئات الآلاف من سكان القارة الأصليين من الهنود الحمر، وأيضاً للتأمل في سياسات الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي شرّعت التدخل العسكري في العديد من دول العالم وقامت بشن عشرات الحروب في كافة أرجاء المعمورة أسفرت عن قتل وتهجير الملايين من البشر الأبرياء، وكل ذلك كان يتم تحت مسمى “القيم الأمريكية”!.
ولم تكتف الإدارات الأمريكية بتلطيخ أيديها بدماء الأبرياء، بل عمدت إلى ابتزاز العديد من الدول لتوريطها في المشاركة في حروبها العدوانية ضد الشعوب وذلك من أجل إضفاء “شرعية دولية” على تلك الحروب، إذ كشف ملف دبلوماسي رفعت عنه السرية اليوم، الاثنين، أن مسؤولين أمريكيين ضغطوا دبلوماسياً على كوريا الجنوبية للمساهمة في “تحالف” عسكري بقيادة أمريكية للقتال في حرب الخليج.
وقد جاء ذلك عندما التقى بان كي مون، الذي كان يشغل منصباً في وزارة الخارجية الكورية، مع كارل فورد، الذي شغل أيضاً منصب نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي آنذاك خلال زيارة إلى واشنطن في كانون الأول من عام 1990، قبل وقت قصير من انطلاق ما سمي آنذاك “تحالف عاصفة الصحراء” ضد العراق، وهدد الجانب الأمريكي، وفق الوثيقة، كوريا الجنوبية بأن دورها في الحرب قد يؤثر على المسار المستقبلي للعلاقات الثنائية.
ولفت فورد خلال محادثاتهما إلى إرسال كوريا الجنوبية طواقم طبية وعسكرية إلى السعودية، وشدد على ضرورة دفع سيئول للمساهمة بشكل أكثر فاعلية، وفقاً للوثيقة التي رفعت عنها السرية.
كما أظهر الملف أيضاً أن ريتشارد سولومون الذي شغل آنذاك منصب مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ، قال إن كيفية تقديم كوريا الدعم إلى الولايات المتحدة خلال حرب الخليج مثلما حصلت على الدعم الأمريكي في الحرب الكورية الأهلية ما بين عامي 1950-1953، سيؤثر على الرأي العام في أمريكا.
واستجابة لهذه “الدعوات”، قال بان: إن كوريا الجنوبية قدمت أقصى قدر من “الدعم” في نطاق إمكانياتها، وشرح مساهماتها بما يشمل 50 مليون دولار، أمنتها الحكومة الكورية عن طريق ميزانية إضافية.