عائدون إلى مناطقهم المحررة بريف إدلب: الحياة في مخيمات النزوح مذلة
يستعد المهجرون من أهالي محافظة إدلب وسطَ ظروف معيشية قاسية ورغم الحرقة في قلوبهم من التهجير وفقدان الأحبة اليوم للسنة السادسة على سيطرة التنظيمات الإرهابية المسلحة عليها وكلهم أمل أن يتم تحرير بقية المدن والمناطق من التنظيمات الإرهابية مثلما فعل الجيش العربي السوري عندما طهّر ريف إدلب الشرقي والجنوبي من الإرهاب وأعاد للريف المحرر الأمان والسلام و البهجة والفرح لأهله ولأطفاله.
يقول المهندس فادي السعدون نائب محافظ إدلب في تصريح لــ« تشرين»: إدلب اليوم ، ليست كإدلب الأمس، فاليوم هناك مساحات شاسعة حررت من الإرهاب بفضل الجيش العربي السوري وعادت الحياة بعد تحرير أكثر من نصف مساحة المحافظة الواقعة في الريف الشرقي والجنوبي، إلى وضعها الطبيعي.
المشهد اليوم هنا داخل ريف إدلب المحرر من الإرهاب يبدو في طريقه إلى حالة الاستقرار الأمني التام، خصوصاً مع عودة الأهالي بشكل ملحوظ رغم أن الريف المحرر الذي كان يعاني من انعدام تام في الخدمات عندما كانت التنظيمات الإرهابية المسلحة تهيمن على المنطقة ، في حين اليوم وفي ظل الأمن والأمان الذي وفره الجيش العربي السوري تم توفير الكثير من الخدمات من قبل الحكومة .
وقال السعدون: « نرجو أن يكون تحرير ريف إدلب الشرقي والجنوبي من الإرهاب نقطة انطلاق لتحرير محافظة إدلب كاملة وإلى المضي لتحرير كل سورية من الإرهاب، وأشار إلى استعداد السكان العائدين لريف إدلب المحرر من الإرهاب للدفاع عن مناطقهم».
وأضاف: هؤلاء الناس تجرعوا مرارة الإرهاب والنزوح، ولا يرغبون في تكرار آلامهم و اليوم أكثر حرصاً على تأمين استقرار مناطقهم ودعم الجيش العربي السوري في حربه على الإرهاب.
وذكر أنه بمجرد استعادة السيطرة على المدن والبلدات والقرى وعودة الأهالي إليها ومن هذه المناطق ناحية أبو الظهور وسنجار وخان شيخون شكلنا لجاناً من أجل عودة الأهالي، وهذا الإجراء ساهم في الاستقرار الأمني الذي تشهده المناطق الآن، فالمجتمع المحلي هناك أخذ يمارس الكثير من العادات والتقاليد الاجتماعية المعروفة في مناطق الريف المحرر، وهذا دليل على الاستقرار الأمني الذي يعيشه أهالي مدن وبلدات الريف المحرر من الإرهاب، كما عادت الكثير من المؤسسات الخدمية للعمل بكامل طاقتها .
ولفت السعدون إلى أن «تعاون الأهالي ومشاركتهم الجيش العربي السوري في درء المخاطر الإرهابية أمر ضروري»، مؤكداً أن «رجوع المهجّرين إلى مدن وقرى وبلدات الريف المحرر من الإرهاب بعد طول انتظار هو بلا شك تحرك إيجابي»، وقال: إننا نعمل على توفير كل ما من شأنه تعزيز دور الأهالي المحلي في العطاء والبناء.
وأشار السعدون إلى أن الريف المحرر لم يعد يشكو من نقص في الخدمات الأساسية التي يطلبها المواطن فهناك توفير لمياه الشرب حيث تم تنفيذ عدة مشاريع حيوية في هذا الصدد كما تم تجهيز 73 مدرسة تمارس اليوم دورها في التربية والتعليم وتوفير الشبكة الكهربائية لمعظم الريف المحرر و تم توفير فرن متنقل في سنجار وآخر في مدينة خان شيخون التي سيتم فيها تجهيز فرن آلي نهاية هذا الشهر بطاقة انتاجية 10 أطنان لافتاً إلى فتح أربعة مراكز صحية موزعة على مناطق الريف المحرر بالإضافة إلى عيادة متنقلة وغير ذلك عيادة تنظيم الأسرة وقال إن المحافظة تقدم معونة غذائية لكل من يقطن الريف المحرر.
وأعرب نائب محافظ إدلب عن صدمته من القرار «المفاجئ» بإيقاف المعونة الغذائية المتعلقة بأسر محافظة إدلب لافتاً إلى أن هناك في مدينة حماة وريفها ما يقارب 11 ألف أسرة مهجرة لجأت إلى حماة وريفها وتحتاج اليوم مساعدات شهرية وخاصة في ظل غلاء ايجار المنازل الذي بات لا يرحم أحداً .
وأشار إلى أن 90% من الأسر بحاجة المعونة الغذائية وأن الجمعيات الخيرية المعنية بشؤونهم مطالبة بتأمين المساعدات والجهات المعنية الأخرى أيضاً هي مطالبة بتحمل مسؤولياتها في تأمين المعونة الغذائية لهم.
« تشرين » التقت واحدة من تلك الأسر، أم سامر وهي أم لثلاثة أطفال قالت: إنها المعونة الغذائية بات تساعدها على إعالة أطفالها.
فيما قالت سهام أم حسين: لدي أطفال، وهربنا من المجهول في إدلب إلى الحرمان من المعونة الغذائية هنا، وأمام إيقاف المعونة الغذائية للأسر تضاءلت آمالهم بالحصول على مساعدات تمكنهم من تأمين مستلزمات قوت يومهم على غرار عائلات أخرى تعيش في محافظات أخرى.
يذكر أن أهالي محافظة إدلب المهجرين بفعل الإرهاب موزعون على أغلب المحافظات وأغلبهم استقر في محافظة حماة وهي اليوم غير قادرة على توفير المساعدات الكافية للنازحين من محافظتي إدلب والرقة الذين أدى نزوحهم إلى أزمات اقتصادية واجتماعية جراء الحصار الجائر والإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية.
فيما عّبر محمود الإبراهيم ، 53 عاماً، وهو أحد المواطنين العائدين إلى منطقة أبو الظهور عن امتنانه للجيش العربي السوري على الجهود التي بذلها لتطهير الريف المحرر من الإرهاب، وشدد « أننا نعاهد جيشنا الباسل على أن نكون له خير ظهير ونساهم في فرض القانون ودفع الإرهاب».
كما نوه بأن ترسيخ دعائم الاستقرار يتطلب أيضاً تحسين الخدمات وتعزيز التنمية، لافتاً إلى أن مناطق ريف إدلب المحرر من الإرهاب أغلبها زراعية وإهمالها يعني تحولها إلى أراضٍ مهجورة توفر بيئة خصبة للجفاف.
وأعرب عائدون إلى مناطقهم المحررة عن فرحهم لخلاصهم من معاناة المخيمات المرير، وقال وضاح الهنيدي من أهالي منطقة سنجار العائدين مؤخراً: «إن محنة النزوح كانت طويلة ومريرة، ولم نكن نتخيل يوماً أننا سنعود إلى مناطقنا، ورغم أننا وجدناها مدمرة بسبب اعتداءات التنظيمات الإرهابية، لكن العيش وسط أنقاض مدننا أفضل من الحياة في مخيمات النزوح المذلة».