روسيا والصين و«باي باي» للدولار – العصا الأمريكية -؟!.
هل تفعلها الصين وروسيا وترسخان نظاماً نقدياً عالمياً جديداً انطلاقاً من مدينة « قويلين» الصينية الجميلة التي وصلها وزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف», والتقى مع وزير الخارجية الصينية « وانغ يي»، واتفقا على إيجاد عملة عالمية بديلة عن الدولار الأمريكي؟، وتستغل الدولتان قوتهما على الساحة العالمية للحد من العنجهية الأمريكية التي تستخدم الدولار«عصاً لها» لتحقيق أهدافها ومنها الاتكاء عليها والضرب بها واستخدامها كثعبان للدغ الآخرين وعبور البحار وممارسة إرهابها الاقتصادي وقهر الآخرين والتعامل معهم مثل قطيع الأغنام؟، وهل سيسجل التاريخ النقدي أن مدينة «قويلين» حلت محل «بريتون وودز», وهو المؤتمر الذي أرسى معالم سيطرة الدولار وعلى جثة الإسترليني، وتم هذا من خلال خديعة أمريكية قام بها ممثل أمريكا «وايت» عندما استبدل كلمة واحدة في البيان الختامي لمؤتمر بريتون وودز الذي استمر /3/ أسابيع سنة /1944/ وحضره /730/ ممثلاً عن /44/ دولة ، والخدعة كانت هي استبدال كلمة واحدة في البيان وهي «الذهب» ووضع مكانها «الذهب والدولار», ولم ينتبه إلى ذلك الاقتصادي البريطاني الشهير جون ماينارد كينز وبقي نادماً على غلطته حتى آخر يوم في حياته، ومنذ ذلك الوقت ارتبط الدولار بالذهب «الدولار الذهبي», واستمر حتى سنة /1971/ وعلى أساس أن سعر أونصة الذهب وزن /31/ غرام تقريباً بسعر /35/ دولاراً ، وفي ذلك الوقت وفي تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي أن الجنيه الإسترليني كان يشكل /87%/ من إجمالي الاحتياطات النقدية العالمية (باستثناء تلك التي تحتفظ بها المستعمرات البريطانية ), وهو يعادل /4/ أضعاف الاحتياطات الرسمية الدولارية، ولأول مرة تم في سنة /1955/ تجاوز الدولار للإسترليني، فهل تعود أمريكا لتخدع ( روسيا والصين) ومعهما دول البريكس وشنغهاي وغيرهما كما خدع وايت السيد كينز في بريتون وودز مستغلاً المديونية البريطانية الكبيرة لأمريكا بسبب تكلفة الحروب الكبيرة التي دفعتها؟، فهل تفعلها أمريكا الآن من خلال إثارة مشكلات بين روسيا والصين؟، ولا سيما أنها لا تستطيع استغلال وضعها الاقتصادي وهي أكبر دولة مدينة في العالم، والديون عليها /23/ تريليون دولار أكثر من ناتجها الإجمالي وهي بحدود /20/ تريليون دولار!، أم تستخدم قوتها العسكرية على دول العالم للوقوف ضد الصين وروسيا وترسيخ التعامل بالدولار كما فعلت مع ألمانيا في خمسينيات القرن الماضي كما أكد الاقتصادي «روبرتس البير» في كتابه «لعبة النقود الدولية» إصدار مكتبة المدبولي الصفحة /65/، يقول حرفياً «..وكان حجم حشود الولايات المتحدة الأمريكية في ألمانيا مرتبط بتعهد ألمانيا بعدم شراء الذهب» ؟، والهدف هو أن تقوم أمريكا بشراء الكمية الكبرى من الذهب في العالم ، ولا سيما بعد أن تناقصت الاحتياطيات النقدية في أمريكا من الذهب من قيمة /23/ تريليون دولار إلى /11/ تريليون دولار، فهل تسعى لمواجهة العملتين الصينية والروسية ؟، ولكن الظرف الدولي الاقتصادي تغير وتغيرت موازين القوى الدولية ، ففي الخمسينيات من القرن الماضي كان الاقتصاد الأمريكي يعادل اقتصاديات الدول العشر التي تليها ، أما الآن فالصين – وقريباً – ستتربع على عرش الاقتصاد العالمي ، وتؤكد الدراسات الاقتصادية أنه بعد الحرب العالمية الثانية كان الناتج الأمريكي يشكل /60% / من الناتج العالمي ، وصادراتها بحدود /22%/ من الصادرات العالمية، ومستورداتها بحدود /13%/ من المستوردات العالمية ، ولديها فائض في الميزان التجاري بحدود /4،5/ مليارات دولار ، أما حالياً وتحديداً في سنة /2020/ فإن أغلب المؤشرات الاقتصادية الأمريكية سلبية ومنها مثلاً «بلغت قيمة الناتج /19/ تريليون دولار بنسبة /24%/ من الناتج العالمي – بلغت الصادرات /182/ مليار دولار أما المستوردات /254/ مليار دولار ونتج عن هذا عجز في الميزان التجاري الأمريكي «الصادرات – المستوردات» إلى حدود /72/ مليار دولار- أكدت وزارة الخزانة الأمريكية إن الحكومة ستبدأ السنة المالية 2021 بعجز قدره /284/ مليار دولار …الخ »، وهل تضع روسيا والصين حداً لسيطرة الدولار من خلال المطالبة بالتقيد في الأسس الاقتصادية, وهي أن تكون أي عملة مغطاة إما بالذهب أو بالإنتاج، وأمريكا غير قادرة على ذلك، بل تسيطر على العالم من خلال طباعتها للدولارات من دون حسيب أو رقيب ولديها حبر وماكينات طباعة جاهزة لتنفيذ ذلك ؟!، وقناعتنا أنه عندما يتم تعزيز العملات الوطنية يتم قهر الإرهاب الاقتصادي الأمريكي على أغلب دول العالم وخاصة سورية، ومن هنا نتفهم دعوة وزير الخارجية الروسي السيد «سيرغي لافروف» من الصين التي تستعد لتكون الدولة الأولى على السلم الاقتصادي العالمي حتى حدود سنة /2025/ ، وهنا نسأل كيف سيكون واقع الدولار إذا استغنت عن التعامل فيه فقط كل من « الصين – روسيا – الهند – إيران – فنزويلا – سورية»,
وتم تفعيل مبادرة «الحزام والطريق» الصينية, وعلى مبدأ «رابح – رابح», ولا سيما أن معدل النمو الاقتصادي الأمريكي متواضع جداً بالمقارنة مع مثيله في الصين، وهل ستسمح أمريكا بذلك ؟!، بالتأكيد لا، لكن لم تعد أمريكا قدراً ولا دولارها ملاذاً آمناً للادخار، وبدأ المنافسون لها عسكرياً يزدادون قوة، فهل تفعلها روسيا وتعلنها من الصين قائلة «باي باي للدولار» نأمل ونتمنى ذلك وبأسرع وقت، وعندها تترسخ أسس جديدة للاقتصاد العالمي بشكل عام وللنظام النقدي الدولي بشكل خاص، فالعالم من دون أمريكا ودولارها أفضل، وعندها تصبح الصين وروسيا على رأس الهرم الاقتصادي العالمي, ولاسيما مع تطوير ترسانتهما العسكرية مؤخراً، فالمارد الصيني والدب الروسي أصبحا هاجساً للإدارة الأمريكية والأوروبية، فهل تصدق مقولة (نابليون بونابرت) الشهيرة عندما قال: « دعوا الصين نائمة, لأنها إذا استيقظت هزت العالم»، فالأمور العالمية ستتغير إذا تكاملت القوتان العسكرية الروسية والاقتصادية الصينية، وعندها ستتراجع أمريكا كما تراجعت بريطانيا ويحل منتجع مدينة قويلين الصينية مكان منتجع بريتون وودز الأمريكي ، لكن يجب أن نكون حذرين من الخداع الأمريكي.