رجال أعمال والبقرة الحلوب !!
ما يحدث من تجاوزات وبشاعات في الأسواق بحق المستهلك لا يستدعي فقط عقد الاجتماعات وتوسيع حلقات النقاش لبحث كيفية الخروج بمخفِفات عن كاهل المواطن , كل ذلك لم يعد يأتي بنتيجة تذكر , فمن بيده قرار الرقابة والعقوبة لم يستطع الأخذ بناصية التجاوزات الحاصلة لسبب ما من الأسباب , وحتى الإدارات المعنية بالأمر وجدت نفسها شبه عاجزة تماماً عن فعل شيء , وترك موضوع الغلاء وأسعار الباعة والتجار كما تركت مواضيع أخرى رهن التأجيل والعجز عن إيجاد حلول لبعض مشكلاتها ..
المضحك حقاً أن جمعية حماية المستهلك والتي لا أعرف ماذا تعمل وما دورها ولماذا أحدثت !؟ صرخت وحمّلت الجهات صاحبة الشأن أن الأمور باتت عصيبة وتحتاج إلى تدخلات وقرارات , والوحش السعري سيطر على تفاصيل كل شي , وصار القوة الضاربة .
هنا أحب أن أقول : إن الإدارات المعنية قدمت وتقدم كل ما بوسعها للملمة الأمر عند حدود معينة , لكن يمكن أن تكون هناك تحديات وضغوط وربما نواقص ببعض السلع والمواد جعلت التدخلات شبه مشلولة بعض الأحيان والأماكن .. وأمام هذا .. ماذا قدم القطاع الخاص كمؤازرات وحملات تعاون وتدخلات فعلية غير “الحكي الفاضي” مع شديد الأسف والاحترام للقطاع ؟ قطاع على مدار سنوات الحرب على سورية لم نسمع منه سوى مناشدات ومطالبات , تسمع لصناعي يطلق تصريحات رنانة , ولمدير غرفة صناعية يشرح ويتفلسف , دون تقديم أي مبادرة أو حملة تعاون أو غيرها من المسائل التي قد تصب في تصحيح اعوجاج ما , الاستمراء عندهم سيد الموقف , وكأن الحكومة بقرة حلوب , عليها أن تعطيهم اللبن وقت مايشاؤون , وهم مختبئون مع ملياراتهم , يتفرجون على تدخلات رسمية ترفع لها القبعة ببعض الأوقات رغم ما يشوبها أحياناً من هنّات وهفوات .. !
الآن بعد أن تعوّد رجال الأعمال ومن لفّ لفيفهم من تجار وصناعيين ومورّدين وتأقلموا (كتأقلم السمك في الماء) على بيئة عمل ولدوا وترعرعوا وتربوا في محيطها ، أصبح من الصعب على الجهات المختصة أن تصلح بين ليلة وضحاها ما أفسدته العطايا لهم على مدار سنوات من غير أن يتعرّض أو يضطر أمثال هؤلاء لإخراج مدخراتهم وصرفها في الاستثمار المحلي ..
لا تتوقعوا أن تتغير عقلية وتعاطي رجالات القطاع الخاص , بل سيبقون بموقع المطالبة والتلطي وراء مسوّغات ومطالبات هشة باتت مكشوفة , فضحت أساليبهم الملتوية , وكأنهم في كوكب خاص بهم .. !