اقتصاديون: القانون 8 ينسجم مع الواقع الاقتصادي والمعيشي
ربما بات وجود قانون لدعم شريحة معدومي الدخل ضرورياً في ظل الواقع الاقتصادي والمعيشي الصعب الذي نعيشه اليوم، لذا فإن صدور القانون الأخير لتأسيس مصارف التمويل الأصغر وتطبيقه على أرض الواقع، ربما يكون عوناً مالياً يستفيد منه صغار المنُتجين وأصحاب الأعمال الصغيرة كما أكد أغلبية المحللين الاقتصاديين الذين التقتهم «تشرين» ..
المحلل الاقتصادي شادي أحمد توقع أن تكون هناك إيجابيات متعددة للقانون 8 مع بدء تنفيذه , من شأنها أن تنعكس على حياة المواطن المعيشية, ولكن هذا لا يعني أن هذا الانعكاس تلقائي ومباشر, وإنما يحتاج إلى العديد من المقومات والإمكانات التي يجب أن تكون لدى المواطن من أجل أن يحقق أكبر فائدة.
ورأى أحمد أن أكثر الفئات التي يمكن أن تستفيد من هذا القانون هي الفئات الأقل دخلاً, والتي استهدفها بشكل مباشر من أجل بناء دخل فهذا الدخل يحتاج إلى منظومات متكاملة وبيئات أساسية قانونية وتنظيمية وتشريعية, والقانون وفر تلك البيئات جميعها, وقدم لها الأسباب جميعها, والموجبات التي تحقق الفائدة، وأولها أنه أعطى تسهيلات قانونية ، إضافة إلى أنه وفر البيئة التنظيمية الجيدة بأنه سمح بإحداث مصارف للتمويل الأصغر, وأتاح وجود مؤسسات وهذه المؤسسات لا تكتفي فقط بتقديم تمويل بل تقوم ببناء القدرات ورفع الكفاءات الإدارية من أجل أن يستفيد المحتاج للتمويل من هذا الكيان التنظيمي الموجود أمامه المتمثل على هيئة بنوك والتي قدم لها تسهيلات بإعفائها من ضريبة الدخل لمدة 5 سنوات فيما كانت تتم سابقاً من خلال بعض الصناديق والبرامج أو بعض المنظمات الدولية التي تعمل في سورية, ولم يكن له بعد اقتصادي بقدر ما كان لها بعد اجتماعي, وأضاف: أما بالنسبة للبنية التمويلية فقد حدد القانون 8 سقوفاً بحدود 15 مليوناً تناسب الحرف البسيطة، هذه المبالغ التمويلية لن تشكل ارهاقاً لكنها قد تدر عائداً مادياً جيداً على أصحابها موضحاً أنه شخصياً لا يؤيد تمويل المشروعات الكبيرة لأن هذا يمكن أن يساهم في إحداث حالة تضخم وقد لا تكون العائدية كبيرة عليه لأن المشاريع الكبرى بحاجة إلى كتل مالية كبيرة جداً.
وأردف: بالنسبة للبيئة التشغيلية فهذا القانون وضّح مسألة مهمة آتية من تجارب سابقة فمثلاً بالنسبة للتشغيل فإن البنوك عندما تقدم قرضاً لأي مستثمر فهي تقدم قرضاً ولا تقدم النصيحة أو الخبرة لذا لاحظنا بأن هناك مشاريع متعددة مثل برنامج هيئة مكافحة البطالة رغم أنني كنت عضواً مؤسساً فيه لكنه افتقر إلى هذه الخاصية ولم يطور البيئة التشغيلية, ونمط التشغيل والبيئة الفكرية المفروض أن تكون لدى بيئة الاستثمار الجديدة.
ورأى أحمد ضرورة أن يكون لدينا هيئة عليا لإدارة ودعم مشروعات التمويل الأصغر ليست فقط هيئة مالية, وإنما مشرفة على القطاع المالي الذي سيمول هذه المشاريع, أي يمكن أن تدعم الإطار الفني والعملي والمهني وتقدم الكثير من التشابكات بين المشاريع المختلفة فمثلاً في حال تم تمويل مشروع لبناء مزرعة أبقار يجب أن يكون هناك خطة لإقامة مشاريع أخرى في المنطقة نفسها لإنتاج الألبان والأجبان والأعلاف والجلديات من أجل تكامل المنظومة, وفي هذا القانون لا يوجد تكامل بين مفردات المنظومة لذا يجب أن تكون هناك قوانين خاصة تصدر لاحقاً تقوم بإيجاد هيئة عليا تقوم بالتنسيق والإشراف على مشروعات التمويل الأصغر..
المحلل الاقتصادي عفيف دلة رأى أن القانون 8 جاء منسجماً من حيث الشكل مع ما يتطلبه الواقع الاقتصادي والمعيشي من الناحية التشريعية فاليوم الواقع الاقتصادي الصعب نتيجة العقوبات الجائرة يتطلب نوعاً كهذا من التشريعات المرنة لإتاحة الفرصة أمام المؤسسات المصرفية والإئتمانية لتتحرك باتجاه تدوير عجلة الإنتاج على مستوى مشروعات صغيرة تستهدف الشرائح الاجتماعية الأكثر هشاشة وتضرراً من مفرزات الحرب على سورية, والإجراءات القسرية الأحادية على المستوى الاقتصادي، أما من ناحية المضمون فهذا القانون يتمتع بديناميكية عالية يرتبط بكيفية وآلية التمويل والمشتركين وسقوف الإقراض والإعفاءات الضريبية، إضافة إلى كل الإعفاءات على السنوات الخمس الأولى للمشروع, وتالياً يسمح للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر أن تدخل مباشرة في حيز تحقيق الأرباح, وتالياً يكون العائد على رأس المال سريعاً, ولا ينتظر صاحب المشروع مدة من الزمن كي يدخل في حيز الربح، معتقداً أن الشريحة الأكثر حاجة لمثل تلك المشروعات الصغيرة ستلتقط هذا القانون من حيث مضامينه بإيجابية كبيرة, وسنشهد بالمستوى الاقتصادي العام حالة انتعاش, ورأى دلة أن كل اقتصادات الدول التي عانت حروباً أو أزمات اقتصادية لا يمكن أن تستعيد عافيتها إلا من خلال اشتراك أكبر شريحة ممكنة من المجتمع في بناء الاقتصادي، فاليوم الشريحة الأكبر ليست شريحة التجار, ربما هي شريحة هامة وفاعلة لكن الشريحة الأوسع هي الشريحة المتضررة والأكثر هشاشة هي التي ستكون مساهمة بالدرجة الأولى بإقلاع عجلة الإنتاج, وسيحد ذلك من البطالة ما يعزز القدرة الشرائية للفرد, وهذا بطبيعة الحال سينعكس على الاقتصاد بتحسن ملحوظ على الليرة.
المحلل الاقتصادي عمار يوسف أشار إلى أهمية هذا القانون والتي تنسجم مع الواقع الاقتصادي والمعيشي, وتستجيب لحاجات المجتمع وتدخل الشريحة الأكثر هشاشة في المساهمة الفعلية والإيجابية في بناء الاقتصاد السوري, وتشكيل فرق اقتصادية فيما بعد الحرب شريحة كبيرة لديها القدرة على لعب هذا الدور، مشيراً إلى أن الدعم للمشروعات الصغيرة أثبت جدواه على أرض الواقع فهناك مشروعات صغيرة تطورت ونمت لتصبح متوسطة.