«أمن إسرائيل أولاً»

أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن صراحة أن« أمن إسرائيل أولاً»، من خلال تأكيد التمسك بالشراكة معها والالتزام «بأمنها».. الإعلان جاء بمثابة خطوة أولى على طريق تشكيل حملة تحالفات دولية تتزعمها واشنطن لإجهاض التحقيق الذي ستشرع به المحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم الحرب المرتكبة في فلسطين المحتلة، خوفاً من تقديم متزعمي الاحتلال الإسرائيلي وجنوده للمحاكمة.
وتناغماً مع استماتة إدارة بايدن في الدفاع عن حليفها الكيان الصهيوني، سارع ساسة الاحتلال لإجراء اتصالات مكثفة مع الحكومات الأوروبية بغية التأثير على أعضاء المحكمة لوأد التحقيق، مدفوعين بمخاوفهم من أن تُصدر المحكمة قرارات اعتقال، فمن المعلوم للجميع أن المحكمة الجنائية أعلى جهاز قضائي دولي وقراراتها ملزمة للدول ، ما يفسر حالة الهستيريا التي تصيب قادة كيان الاحتلال، ومطالبتهم واشنطن بطي ملف التحقيق قبل الشروع به

بالعودة إلى محاولات واشنطن الرامية لتعطيل عمل «الجنائية الدولية» والتأثير عليها، منذ انضمام فلسطين للمحكمة قبل نحو ست سنوات، فإنه من المتوقع أن تقوم إدارة بايدن خلال الأيام القليلة القادمة بعدة خطوات تصعيدية لإجهاض التحقيق.

.. وأولى الخطوات المتوقعة، هي أن تنفذ الإدارة الأمريكية تهديدها السابق وتمنع قضاة الجنائية الدولية من دخول أراضيها، وتشكّل «لوبي ضاغط» على المحكمة من قبل الدول الأعضاء وغير الأعضاء لثنيها عن التحقيق أو تعطيله بشكل مؤقت، على الأقل لمدة خمسة أشهر، حتى يتسلّم البريطاني كريم خان، منصب المدعي العام للمحمكة الجنائية الدولية خلفاً لفاتو بنسودا، وهو الذي تراهن واشنطن و«اسرائيل» على قيامه بوأد ملف التحقيق برمته
ومن المتوقع أن تتوجه واشنطن عبر مجلس الأمن لاستصدار قرار يوقف التحقيق، مستغلة أن ميثاق روما الذي ينص على أن لمجلس الأمن الصلاحية بإرجاء التحقيق فترة زمنية قابلة للتجديد.
المثير، أنه رغم عدم عضوية واشنطن والكيان الصهيوني في نظام (الجنائية الدولية)، إلا أن تأثيرهما السياسي على الدول الأعضاء فيها سيقف حجر عثرة أمام تحريك الدعاوى الفلسطينية ضد «إسرائيل»، ما يشي بأن التحقيق الذي سيفتح سيكون طويلاً ومحفوفاً بالعقبات، وليس من السهل التكهن بنتائجه خاصة في ظل التكالب الأمريكي والإسرائيلي على إجهاضه
وعليه، يبقى السؤال: هل سينتقل التحقيق لحيز التنفيذ ويفضي لمحاكمة متزعمي الاحتلال على جرائمهم المرتكبة بحق الفلسطينيين، أم إنه سيتم تفريغه من حمولته القضائية ليقتصر على ما يحمله من أبعاد رمزية تصب في مصلحة الفلسطينيين لكسب نقاط في قضيتهم فقط؟

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار