التمويل الأصغر .. إقراض وخدمات مصرفية تناسب كل الشرائح
بخطوات متسارعة و متصاعدة تتجه الجهود المكثفة بشكل عملي للانتقال من النص إلى التطبيق للقانون 8 الذي يسمح بتأسيس مصارف التمويل الأصغر و تحقيق الأهداف التي حددها هذا القانون و تعليماته التنفيذية و تلمس نتائجه المثمرة على أرض الواقع و صعيد العمل و الإنتاج و تحسين مستوى الدخل و المعيشة بأسرع وقت ممكن.
فقد أوضح مدير الأبحاث الاقتصادية و الإحصاءات العامة في مصرف سورية المركزي غيث علي في تصريح لـ «تشرين» أن القانون الجديد جاء بأنواع متعددة من الخدمات و الأنشطة المصرفية و الميزات المحددة بالمادة 11 من القانون بشكل مختلف عما كان معمولاً به في السابق و التي كانت تقتصر على الإقراض و الإيداع و خدمات التأمين .
و بيَّن علي أن الهدف الأساس لهذه المصارف هو النفاذ المالي و إيصال التمويل لمستحقيه و خاصة الشرائح المستهدفة من الأشخاص الأكثر حاجة من معدومي و منخفضي الدخل عبر مساعدتهم في تنمية مهاراتهم و من ثم تمويلهم بما تحتاجه مشاريعهم الخاصة مع متابعة مستمرة من قبل المختصين لدى هذه المصارف عبر دراسة الجدوى لكل مشروع من مشاريع التمويل الأصغر و حجم التمويل اللازم و جدول الأقساط و مُهل السماح و التسهيلات المطلوبة في التسديد للوصول إلى تحقيق مشاريع مدرة للدخل المناسب و مساعدتها على النمو و الانتشار حسب طبيعتها كتصنيع منتجات منزلية مثل « المربيات و الحلويات و الملابس ..» أو مشاريع خدمية صغيرة مثل « التجميل و الصيانة ».
و ذلك كله عبر تقديم الدعم و المساعدة في الدراسة و التدريب و التنسيق مع الجهات المختصة و تقديم الخبرة للمتمول المحتمل و توفير أماكن لتدريبه أو ممارسة نشاطه حسب كل مصرف و الاتفاق معه لكون القانون سمح بشكل صريح أن يكون رأس مال هذه المصارف -و بما لا يزيد على 10% – على شكل مقدمات عينية (عقارات – آلات ) بهدف استثمارها من قبل هذه المصارف و لتذليل أي عقبات أمام المتمولين لممارسة نشاطهم و مشاريعهم الصغيرة .
و رداً على سؤال إن كان على المستفيد أن يقدم ما يثبت أنه معدوم الدخل كي يستفيد من الخدمات المصرفية لكونها معفاة في السنوات الأولى أشار علي إلى أن موضوع التثبت من الأوضاع المتعلقة بالمتعاملين تدخل في نطاق عمل الاستعلام الائتماني الذي تقوم به المصارف مع المقترضين لديها , حيث لن يتطلب الأمر غالباً تقديم وثائق أو ثبوتيات بالضرورة من قبل المتعاملين و إن وجدت فستكون بالحد الأدنى المتعلق بتصريح العميل و في نطاق استمارة « اعرف عميلك » التي يقدمها المتعاملون مع المصارف .
و أضاف : بخصوص الإعفاءات خلال السنوات الخمس الأولى هو خاص بالمصارف و ليس بالمتعاملين و يشمل الإعفاء من ضريبة الدخل على الأرباح و ليس الإعفاء من الفوائد خلال السنوات الأولى من بدء عمل المصارف أي سنوات التأسيس و ذلك في إطار دعم عملها و تشجيعها و الدعم الحكومي لها و تمتين مراكزها المالية ،أما فيما يتعلق بالمتعاملين فإعفاءاتهم الضريبية موضحة بالمادة 16 و لا يعني أن قروض المتعاملين ليس لها إعفاءات و إنما ستكون الفوائد ميسرة مع مهل سماح مناسبة خاصة بكل مشروع أصغر يتم تمويله و يتناسب مع نوعه و المدة المتوقعة لإدرار الربح .
و قال في جوابه عن سؤال: هل موظفو الدولة مشمولون بالاستفادة من هذه الخدمات ؟
بأنه لا يوجد ما يمنع من استفادتهم من خدمات و أنشطة هذه المصارف في حال رغبوا بذلك حيث تسمح بدعم دخلهم و زيادته و بما لا تتعارض طبيعة المشروع مع واجبات العاملين في الدولة المحددة بالقانون 50 لعام 2004 لجهة طبيعة المشروع الصغير الذي يرغبون بعمله و تدعمه هذه المصارف لكونها لا تكسبهم غالباً صفة التاجر حسب الأنظمة النافذة و بالتالي يرحب بقيامهم بإنشاء مشاريع صغيرة مع أسرهم لدعم الدخل و توسيع أفقه.
و كما هو موضّح في صلب القانون و تعليماته التنفيذية و الأسباب الموجبة له عبر إطار قانوني و تنظيمي موحد تنضوي تحته جميع المؤسسات العاملة في مجال التمويل الأصغر لفت علي إلى أن الجدوى الاقتصادية من إنشاء هذه المصارف تبين أنها تمثل إعادة تنظيم قطاع التمويل الصغير القائم أصلاً في سورية وفق المرسوم التشريعي رقم 15 لعام 2007 الذي يعد ملغىً بالقانون 8 الجديد لكونه نوعاً من المصارف العاملة التي توجه خدماتها من حيث النوع و الجمهور إلى شرائح محددة من المتعاملين في المجتمع لا يمكنها الوصول لخدمات المصارف العامة و الخاصة على السواء حيث جاء هذا القانون بنوع إقراض و خدمات مصرفية تتناسب مع هذه الشريحة و رغبتها في العمل و الإنتاج حسب الإمكانات المتوفرة لديها و بضمانات محدودة أو من دون ضمانات على الإطلاق .