لهيب الأسعار والمعالجة
بعد أن باتت اللحوم الحمراء حلماً للمواطن، وكذلك اللحوم البيضاء التي كانت الملاذ الحقيقي البديل، وحتى قرص الفلافل غذاء الفقراء الذي غدا مزاحماً في الأسعار أيضاً، أضحت الحاجة ماسة جداً لمعالجة جذرية تتسم بالواقعية البعيدة عن التصريحات غير المسؤولة التي تثير اشمئزاز كل من يسمعها، خاصة حين يقول المسؤول: « الواقع الاقتصادي بدأ بالتحسن وهناك مؤشرات للنمو تدل على ذلك».
إن واقع الحال على صعيد المواد الغذائية وحاجات المواطن اليومية، والحصار الذي طال البشر والحجر بفعل الحرب على سورية، يتطلب العودة إلى الجذور لتجاوز هذا الواقع، والتمسك بالجانب الزراعي، وهو أمننا الغذائي الذي لا مفرّ من العودة إليه، لكونه يسهم من دون شك في ردم تلك الهوة القائمة حالياً، فتشجيع المزارعين على زراعة المواد العلفية من فول الصويا والذرة، وهما المكونان الرئيسان للمواد العلفية التي تشكل 75 في المئة من تكاليف المواد العلفية لإنتاج اللحوم، كفيل هذا الأمر عندها بخفض أسعارها ، وتأمين احتياجات الناس بأسعار مقبولة وفي متناولهم، وهذا يتطلب العمل على تشجيع المزارعين وتأمين مستلزمات الإنتاج لهم من بذار وأسمدة بأسعار مناسبة، ووضع حوافز إنتاجية لتسويق محاصيلهم وضمانها من المخاطر، التي قد تتعرض لها، ليشعر المزارعون عندها بالراحة والسكينة.
إن تشجيع مزارعي الشوندر على سبيل المثال لا الحصر لزراعة الشوندر، هي خطوة مهمة، إضافة لمحصولي القمح والشعير، من خلال وضع حوافز تشجيعية لشراء محاصيلهم، كفيل بتوفير الكثير من القطع الأجنبي الذي تقوم الخزينة العامة بتسديده لعلميات الاستيراد ، وتجاوز المنغصات والتساؤلات تجاه ما يقال عن تلك الملفات المتعلقة بالاستيراد.
لقد كسبت سورية على الدوام معركة التحدي والرهان ، ففي الثمانينيات حين تعرضت للحصار قامت بالاعتماد على الذات، وكان هذا شعارها الذي أطلقه القائد المؤسس حافظ الأسد، لحل الكثير من المشكلات العالقة والمعاناة التي فرضت عليها، فلنمارس هذا الدور مجدداً لتلافي المنغصات، وتحقيق الأماني والطموحات، ومحاسبة المتاجرين بقوت الشعب محاسبة عسيرة.