غريب أمر التباكي الغربي على حقوق الإنسان، في وقت ترتكب فيه جرائم موصوفة بحق عشرات الآلاف من المدنين في غير رقعة جغرافية عربية، وتنتهك حقوقهم كل يوم..
كي لا يبدو الأمر، عصياً على الفهم، فالموضوع، تصريحاً، لا تلميحاً، هو أن (عشر نساء فرنسيات تحتجزهن ميليشيا “قسد” في سورية، بدأن إضراباً عن الطعام، وذلك للاحتجاج على رفض السلطات الفرنسية تنظيم عودتهن إلى فرنسا برفقة أبنائهن)، والسلطات الفرنسية ومن منطق “إنساني” تدرس حالات هؤلاء تمهيداً لنقلهن إليها.
قد يؤخذ البعض بهذه “المسحة الإنسانية”، لكن ما تجب الإشارة إليه هو أن هؤلاء نساء “داعش” الإرهابي، ممن عملن في صفوف هذا التنظيم أو التحقن بأزواجهن الإرهابيين، بمعرفة وتسهيل من الاستخبارات الغربية؛ وعليه في رقابهن دماء بريئة، فضلاً عن كونهن يعتنقن فكراً إقصائياً، لا يؤمن بحق الآخرين في الحياة.
لقد جاءت المادة الثانية من معاهدة الاتحاد الأوروبي على النحو التالي: “يقوم الاتحاد على قيم احترام كرامة الإنسان والحرية والديمقراطية والمساواة وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق الأقليات”.
الأمر الأكثر إيلاماً هو أن الكتلة الأوروبية العظمى ابتعدت عن هذه اللوائح وتنتهج سياسة المعايير المزدوجة.
فرنسا قد تكون في مقدمة هذه الدول التي تعمل وفق هذه المعايير المزدوجة، وتتباكى زوراً وبهتاناً على حقوق الإنسان، لكنها في الحقيقة تعمل عكس ذلك، بل تقوّض “القيم” التي تزعم الدفاع عنها.
منذ عام 2012 التحق عشرات العسكريين الفرنسيين -بعضهم عناصر في قوات نخبة الجيش الفرنسي- بصفوف الجماعات الجهادية المتطرفة في سورية، واضعين بتصرفها خبراتهم وما يتقنونه من تكتيكات حربية.
والكثير من دول المنطقة والدول الغربية، وبينها فرنسا، لا تزال حتى اللحظة تدعم الإرهاب، وتوفر الغطاء السياسي للتنظيمات الإرهابية في سورية والمنطقة.
لو تعمقنا في النظر إلى كل الظواهر والصراعات التي تعيشها منطقتنا، سنعلم جيداً أن اليد الخبيثة المحركة لكل ما يجري هي الغرب أو أمريكا، فبينما يدعمان ويرسلان فرق الموت إلى بلادنا، يوهمان العالم بأنهم يرسلون مساعدات، ويتشدقون بإنسانيتهم من خلال منظمات هي في حقيقتها إرهابية، وسورية والعراق ليسا ببعيدين عن هذه المعمعة، فالإنسانية في قاموسهم في آخر الصفحات ولا تعني لهم شيئاً..