أي إنتاج نريد..؟
علينا أن ننتج، ونزيد الإنتاج، ونطوره، ونحقق الاكتفاء الذاتي من منتجاتنا المحلية، ونصدّر الفائض إلى جميع دول العالم..
لكن.. كيف؟
هنا المشكلة، بل مسلسل المشكلات المتتالية حلقاته وأجزاؤه منذ عشرات السنوات والمتراكمة مشاهده رغم تبدل الشخصيات والكومبارس، وتعاقب المخرجين الذين تواطؤوا مع منتجين على نقل صورة الواقع من دون التدخل في معالجة تلك المشكلات حتى وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم..!
معضلة إنتاجية تضخمت حتى أصبحت مرضاً عضالاً، ينتشر في مفاصل العمل في القطاعين العام والخاص، هي أن جميع المعامل تنتج سلعاً بأسلوب مؤطر بقالب «الطلبية» الذي يرسمه الزبون ويتحكم بنوعية المنتجات وأسعارها، وتالياً الأرباح والنفقات التي سيكون جزء منها أجور عمال لا ترقى إلى حجم الجهد الذي بذلوه لإنجاز «الطلبية» ولا الوقت الذي قضوه خلف خطوط الإنتاج.
وباستثناء بعض الماركات المحلية والتي أسعارها لا تناسب دخلنا، يمكن القول إن معظم منتجاتنا الزراعية والصناعية لا تستحق أن يوضع عليها شعار «صنع في سورية»، رغم كل الدعم المادي والمعنوي الذي تقدمه المؤسسات المالية والاقتصادية الحكومية لشركات الإنتاج، وفوقه غض النظر عن «وقاحة» البعض في استغلال هذا الدعم لغايات تكديس الأموال والأرباح عبر الاستمرار في إنتاج منتجات رديئة وباهظة الثمن في آن معاً.
ورغم ذلك لا يزال الجميع بداخله رغبة بأن يرى بين يديه سلعاً تحمل شعار «صنع في سورية»، بكل فخر من حيث الجودة التي ترقى إلى مثيلاتها الأوروبية واليابانية، وبالكميات الكافية لسد حاجة الاستهلاك الداخلي ويزيد..
ويبقى السؤال: حتى تتحقق هذه الرغبة، هل علينا الاستمرار بدعم منتجات رديئة وغالية..؟
إذا كان الجواب لا.. وهذا ما أعتقده، فعلينا قبل التأكيد على الإنتاج وزيادته أن نضع خطة ثابتة مرتبطة ببرنامج زمني تنفيذي، ومعتمدة على دراسة جدوى اقتصادية من أجل المباشرة في العمل، تتضمن توفير جميع العناصر التي تساهم في تنفيذ العملية الإنتاجية، والحرص على توفير وسائل التكنولوجيا الحديثة، ودراسة طبيعة السوق، والأفراد المستهدفين من السلع، أو الخدمات المنتجة.
وعلينا توفير جميع مقومات الإنتاج من المواد، والأفكار، ورأس المال، والكادر البشري المؤهل والآلات التي تحقق الهدف من الإنتاج، ولا ننسى الرقابة على عمليات الإنتاج داخل المعامل، والأهم فتح أسواق محلية وخارجية لتصريف المنتجات، من دون هذه الخطة سيبقى الحلم بزيادة الإنتاج مشروعاً، فيما الواقع يخرّج للمستهلكين حلقات جديدة من مسلسله الرديء..!