“عدالةٌ” على المقاس الغربي!
كل يوم تُطالعنا المنظومة الغربية بفصل جدي لازدواجية المعايير، ووضع مصلحتها فوق أيّ اعتبار إنساني أو قانوني أو أخلاقي، فالحقوق و”الحريات” التي تنادي بها وتدافع عنها هي ما يمسّ “مبادئها” فقط، أما ما دون ذلك، فليست له أهمية تُذكر.
الحكم على الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي بالسجن ثلاث سنوات مع وقف التنفيذ في سنتين منها بتهم الفساد واستغلال النفوذ فيما عُرف بقضية “التنصت”، يسلط الضوء مجدداً على الازدواجية الغربية، والسؤال لماذا حُرّكت هذه القضية بينما مساهمة ساركوزي في تدمير وتمزيق ليبيا ونهب ثرواتها لم تثر القضاء الفرنسي؟.
في الحقيقة، ما يهمّ القضاء الغربي هو ما يعتبره انتهاكات لقيم ومبادئ عنده في الداخل هنا فقط يجب أن تأخذ العدالة مجراها لإرضاء الرأي العام الداخلي الساخط في العديد من الدول على فساد القائمين على السلطة، في حين لا يكون لتلك العدالة أي وجود خارج حدود دولهم.
الغرب قائم على العقلية الاستعمارية، فشهيته دائماً مفتوحة للاستعمار ونهب ثروات الدول ومحاولة السيطرة على قرارها السياسي لجعلها ضعيفةً وفي تبعية مستمرة له، وأمام هذه المعطيات تنتفي حقوق الدول وشعوبها في العيش الكريم والاستفادة من ثرواتها ومقدراتها وصنع تنميتها وتنتفي أمامها حقوق الإنسان، بل تصبح تلك الحقوق مطيّة للتدخل الغربي بزعم حمايتها وإنقاذها، وعندما تضرب الفوضى أطنابها بسبب هذا التدخّل تُعمى العيون، وتُصمّ الآذان.
دائماً تأتي محاكمات الغرب منقوصة ومشروخة وهذا ليس غريباً، فهذا الغرب يوزع الاتهامات زوراً وبهتاناً بـ”التضليل” و”تغييب الحقائق” ويزعم أنه هو من يعمل على كشف الحقائق، في وقت بات واضحاً مَن يُغيّب الحقائق، وينتقص منها، بل يتجاهلها”.
وإنّ تمَّ، واعترف الغرب بممارساته، فسيكون ذلك خارج السياقات، لتلميع صورته وتسويقها أمام الرأي العام، وعلى الأغلب تأتي هذه الاعترافات من مسؤولين بعد أن يصبحوا خارج المسؤولية، في محاولة منهم لتبرئة أنفسهم، وربما تحميلها لمن يأتي بعدهم.
إذاً، كل المسمّيات التي تندرج تحت الحقوق والحريات والعدالة التي ينادي بها الغرب تأتي دائماً على مقاسه فقط.