بعد مضي أكثر من ثلاثة أسابيع على قضية مديرة صالة الشهداء لفرع السورية للتجارة في حمص، وتكشف الكثير من الحقائق حول قيام مديرة الصالة بوضع أكثر من ستة أطنان من السكر المدعوم في منزلها؛ يمكن القول وبكل صراحة إن ما حدث هو جرأة كبيرة وتطاول على القانون.. نعم وتطاول غير مسبوق أيضاً.. صحيح أنها قد تكون بريئة من تهمة السرقة والفساد «الذي نحاربه» بكل ما أوتينا من صدق وغيرة على الصالح العام، فقد يكون هناك من غرّر بها، أو أوحى إليها بأن تخالف القانون، لكنه لم يفعل ذلك إلا لتوريطها، وفعل ذلك وانسحب لتبقى وحيدة تواجه تهماً متعددة، قد يكون أولها الإهمال، وآخرها تهمة السرقة وتغريمها بقيمة هذه الكمية.
في القانون كل ذلك صحيح، فهذا الفعل لم يستند إلى وثيقة أو كتاب من الجهة الأعلى أو تكليف خطي، بل حسبما علمنا أنه أتى بناء على اتصال من مدير الخزن في الفرع، الذي يجب أن يتحمل كامل المسؤولية، لأنه من المفترض أن يعلم بالقانون أكثر من مديرة الصالة، ولو تمّ إرسال كتاب خطي لها يخطرها بأن تتصرف كما فعلت لكان الوضع هيناً ولا حاجة لكل هذا الضجيج، لكن على ما يبدو فقد تعامل الاثنان مع هذه الحالة كأن القانون «شبيح» وليس مجرد مواد وبنود تحمي الموظف أولاً من تهوره، خوفاً أو جهلاً، وثانياً الحفاظ على حقوق المؤسسة.
نعم القانون لا يحمي المغفلين، وما حدث ليس مخالفة للقانون، بل استباحته بقسوة واستهتار غير مسبوقين، وأغلب الذين انتقدوا الحديث عن هذه الحالة وتوصيفها ليسوا جهلاء، بل إن أغلبهم تقصّد رمي البوصلة حتى لا يهتدي، ويهدي غيره إلى أن القانون هو الفيصل وليس العواطف التي يتبرأ منها القانون، بل إنهم مازالوا يعتقدون أن القانون «شبيح» يتطاولون من خلاله على الحقيقة ومن يقولها، ورغم قناعتي ببراءة السيدة، وأنها لم تجازف إلا بتوجيه، يجب أن تنال حقها على تجاوزها للقانون، وتصبح درساً لكل من يعمل بـ«التوجيه» من دون وثيقة.