مجلاتنا الثقافية المهدورة..!
يشكو العديد من الأدباء، إهمال بعض المجلات الثقافية لكتاباتهم، وهي التي تنشر نصوصاً أدبية، قصة وشعراً، ومقالات متنوعة، ومراجعات كتب، واستطلاعات وتحقيقات أدبية، فهي بمجملها لا تكترث بهم إلاّ إن كان لأحدهم معرفة بأحد المحررين الأساسيين فيها, وفي الأغلبية يكون النشر فعلاً لدائرة معارف هيئة التحرير لهذه المجلة أو تلك, وقد تفاقمت هذه الشكوى في ظل انحسار العديد من المجلات وتوقف الكثير منها، لأسباب تعرفونها.
وأزعم أن هذه المسألة قد بدأت ترمي بظلالها منذ عشرين عاماً، حين بدأت بعض المجلات بالتوقف، في حين انغلق بعضها الآخر على دائرة المنطقة التي تصدر منها، ولجأت إلى نشر كل ما يخصها فقط, وإهمال ما يأتيها من كتابات عربية إن لم تصب في دائرتها، ما يعني تكرار أسماء بعينها، وتدني مستوى ما ينشر فيها، تدريجياً, أمّا التي واظبت بالانفتاح على بقية الأقطار العربية فمعظمها لا يقيم اعتباراً للكتّاب الذين يراسلونهم، فتلقى رسائلهم إهمالاً، بدلاً من الموافقة على النشر أو الاعتذار عن ذلك, كما تحكم هذه المجلات عوامل ذاتية في اختيار الأسماء التي يُنشر لها، رغم أن أغلبها لا يستحق النشر في صفحات أدب الشباب، إن كانت نصوصاً أدبية، وأما الدراسات التي تتوقف مع كتب معينة أو تجارب أدبية محددة، فهي أيضاً ليست بالدراسات المضيئة لعوالم الإبداع للأسماء المختارة، ولا تحمل جهداً جديداً, والأهم من كل ذلك لا يتم فيما ينشر مقاربة أو نشر أيَّ نص يخترق المحظورات، ولا بأي طريقة جمالية تم ذلك الاختراق, ففي ظل ذلك تخسر الحياة الثقافية حضور أسماء فاعلة من كل قطر عربي، تأبى أن تعرض كتاباتها إن لم تتواصل معها هيئة تحرير هذه المجلة أو تلك، وهذا تقليد نادراً ما تلجأ له بعض هيئات التحرير، بخاصة المجلات التي تقدم مكافآت مالية جيدة في ظل الظروف المعيشية التي تزداد سوءاً في معظم الأقطار العربية, لكننا لا نعدم هيئات تحرير تعي وظيفتها جيداً لكن ولقلة عددها تكاد لا تكون مؤثرة وفاعلة، أو تستطيع أن تفي بالحاجة في التعامل مع الكتّاب، ولا في نشر المواد التي تستحق, ومع الأسف، في ظل ذلك؛ الخاسر الوحيد هو القارئ الذي ينتظر مادة دسمة ترتقي بوعيه الجمالي والثقافي..!