موجودة وغير موجودة ..!
لا يمكن لأحدٍ الادعاء بأن المراكز الثقافية قليلة، أبداً، فحتى في المناطق البعيدة والنائية سنعثر على أحدها، واسمه ملحقٌ دائماً بكلمة “العربي”، الإشارة هنا ليست للتقليل من شأن المُفردة بل للقول إنّ ما يحدثُ حقيقةً في الغرف الملحقة بالبلديات، لا يحقق في كثيرٍ منها، ما يُوازي كلمة “محلي”!.
يصل عدد المراكز الثقافية في محافظة ريف دمشق إلى ما يقارب 132 مركزاً ثقافياً، وهو رقم يستحق الحديث عنه فيما لو كان فاعلاً حقاً، قادراً على التواصل مع الأهالي، لكن الواقع يحكي شيئاً آخر، فما الفرق مثلاً بين المركز الثقافي في ببيلا ونظيره في قدسيا أو قطنا أو الكسوة، وما الذي يجب إعطاؤه الأولوية في يبرود أو القطيفة أو رنكوس؟، علماً أن لكل منطقة مأكولاتها ومصنوعاتها وعاداتها، وفي كل منطقة سنجد شخصيات وتجارب ومشاريع مجهولة، عوضاً عن فعاليات تُوصف بأنها “جماهيرية”، وهي لا تعني شيئاً للشريحة المجتمعية المُوجهة لها، هذا إذا سلّمنا بأن القائمين على تلك المراكز على دراية بطبيعة المناطق التي يعملون ضمنها، تاريخها وظروفها الاجتماعية، ومن ثم أقاموا نشاطات وفعاليات مناسبة لها.
ما يمكن للمراكز الثقافية إنجازه أكبر مما هو متوقع، تخيلوا مركزاً يتواصل مع المدرسة والمستوصف والبلدية والشرطة، مع أصحاب المواهب الباحثين عن فرصة، مركز ثقافي يدرس محيطه بعد عشر سنوات مؤلمة، كل هذا ممكن في حال توفرت النوايا لفعلٍ ثقافيٍ مؤثر، ففي كثير من البلدات والقرى لا يعني غياب المركز أو وجوده شيئاً للأهالي، بالمقابل لا تُشكل وجهة نظرهم هذه تقييماً لعمله، طالما أن الأمسيات والمحاضرات والندوات مستمرة، بمن حضر أو لم يحضر، الأمر مشابه للكتب المخزنة في المستودعات والقصائد المنشورة في فيسبوك، لا يمكن لأحدٍ الادعاء بأنها غير موجودة، فقط موجودة ..!.