تصعيد تركي جديد
عادت الأزمة بين تركيا واليونان مجدداً إلى الواجهة، بعد أن أعاد النظام التركي أجواء التوتّر والتصعيد إلى بحر إيجة بإعلانه عن بدء مسح بحري جديد للتنقيب عن الغاز، في استفزاز جديد لليونان بعد هدنة لم تدم طويلاً للأزمة القديمة الجديدة بين البلدين, والتي لم تنجح كل محاولات الحوار والتقارب في نزع فتيلها, بسبب أطماع أردوغان في السيطرة على الغاز, ومسارعته لوأد أي محاولة جادة لإنهاء التوتر المتصاعد بين الجانبين.
اللافت هذه المرة, أن خطوة أردوغان التصعيدية, بإرسال سفينة استكشافية لبحر إيجة وتحذير السفن الأخرى من مغبة الاقتراب من منطقة عملها، تأتي قبل الجولة الجديدة من المحادثات الاستكشافية بشأن الخلافات في بحري إيجة وشرق المتوسط التي ينتظر عقدها في أثينا خلال آذار المقبل، المحادثات التي أعيد إحياؤها في كانون الثاني الماضي بعد توقف دام نحو ست سنوات, على أمل التوصل إلى حلول تستبدل التصعيد والمناورات العسكرية بلغة الحوار والدبلوماسية، وتسمح بوضع جميع القضايا الخلافية على طاولة التفاوض.
إلا أنه -وكما بات معلوماً للجميع- كلما اقتربت الأزمة بين البلدين من الحل, يعمل أردوغان على تسخين المواجهة مجدداً عبر تعميق الخلاف وتأجيج الأزمة بتصريحات عدائية وخطوات استفزازية جديدة, خاصة أن النزاع بين تركيا واليونان ليس جديداً, ولا يقتصر على أطماع أردوغان بالتنقيب عن النفط والغاز خاصة بعد فشل سفن التنقيب التركية عن إيجاد أي مصادر تجارية للغاز أو النفط في المياه الإقليمية التركية، أو ترسيم الحدود البحرية أو تحديد طبيعة الوجود العسكري في بحر إيجة.
..في سلة الأطماع الأردوغانية أهداف أخرى تتعلق بحلف الأطلسي, وتحسين آفاق انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وتعديل التوترات مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ومع فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية التي تقف في صف اليونان.
دائماً كانت استفزازات أردوغان وأطماعه التي تتسع خريطتها تشجعه على الاستهزاء بالقوانين الدولية في البحر المتوسط وتأجيج التوتر في المنطقة وإفساد كل ما تحاول طاولة الحوار إصلاحه مع اليونان وغيرها, إذ لا يلتزم هذا النظام بأي قرارات دولية أو مخرجات مؤتمرات أو نتائج محادثات لا تصب في مصالحه، بل كان ولا يزال يعمل على إجهاضها بشتى الطرق غير الشرعية لتحقيق أطماعه التوسعية التي تدفع شبح المواجهة العسكرية إلى الواجهة بقوة.