«شمّاعة» حماية المنتج
في الأوقات العادية, بعيداً عن أي أوبئة أو حصار أو أزمات وحروب, تعد المنافسة ما بين المنتجات المحلية ونظيرتها من المنتجات العالمية ضرورة, لأنها تؤدي في نهاية المطاف إلى تحسين الجودة من جهة, وضبط صيرورة الأسعار من جهة أخرى, وتالياً تحقق توافقاً أو ربحاً لكل أطراف المعادلة الإنتاجية والتسويقية وللمستهلك أيضاً, ولكن في الظروف غير العادية يشتد الطلب على استيراد بعض السلع والمواد لسد حاجات الأسواق, وهو ما قد يعرض المنتج المحلي إذا ما أحسنت الجهات الرسمية هندسة الآليات الناظمة للوصول إلى الهدف المنشود بأقل تكلفة أو عبء إلى حالة يفقد مكانته فيها, أكثر من تسعمئة مادة وسلعة منعت وزارة الاقتصاد استيرادها للأسواق المحلية لهو رقم ومؤشر يدل على أن هناك حاجة شديدة لمثل تلك السلع, وبمعنى أوضح نقصاً في الإنتاجية المحلية لمثل تلك الصناعات والمنتجات, وتبرير الوزارة هو حماية للمنتج المحلي, وقد يكون في مبتغاه جميلاً, ولكن السؤال: هل المنتِج أو الصناعي قادر على إنتاج المثل لتلبية الطلب, أم إن الآلية لمزاجية وإجراء نمطي من دون الخوض في جزئيات واقتصاديات استيراد مواد أو منعها؟
لا شك في أن هناك منتجات محلية تتمتع بمواصفات متقدمة, ووصلت المنتجات السورية في وقت سابق إلى أسواق عالمية, وحصدت نتائج مشجعة, وبات المنتج السوري على أبواب الشهرة العالمية, إلا أن الظروف الأخيرة حدّت وعرقلت من الانتشار, وحصل انحسار في بعض الجوانب.
صحيح أن الحمائية ذات نفع على صناعتنا, لكن أن تصبح شماعة فهذا لم يعد مستساغاً سماعه, فهناك احتياجات تتزايد مطلع كل يوم, ناهيك بأسعار وغلاء غيَّر وقلب موازين المعادلة.
الاستمرار بالتغنّي في نهج نشر ثقافة دعم المنتج المحلي, بعيداً عن العمل الجدي على التنفيذ الكامل لإنتاج سلعة بجودة وسعر معقول وتأمينها, شعارات لم تعد تشبع بطوناً فرغت وخارت قواها, الحماية مطلوبة شريطة مبادرة المنتج السوري إلى رفع وتائر إنتاجه وطرح سلع جيدة, وأسعار تناسب ظروف المستهلك إلى درجة ما.