بوتين: هذه رؤيتي للعالم

في منتدى دافوس، حيث يجتمع كل عام قادة العالم والمفكرون والمبتكرون، من سياسيين واقتصاديين ومستثمرين ومطورين، ليطرحوا أفكارهم، ويتناقشوا في قضايا العالم، وسبل حل المشكلات وطرق التطوير والتقدم.

في دافوس هذا العام، حيث عقد المنتدى افتراضياً، قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رؤيته لأحوال العالم، شارحاً اقتراحه لتفادي المخاطر ومعالجة التهديدات وصولاً إلى نظام عالمي يوفر الاستقرار للعالم والحياة الكريمة المتطورة للمواطن في دولته.

في تشخيصه للأحوال العالمية، رأى بوتين أن العالم يمر بما يشبه ما مر به العالم في ثلاثينيات القرن العشرين، وهي الظروف التي أدت للحرب العالمية الثانية، حيث تنتشر اليوم، الأزمات الاقتصادية، والاستقطابات الاجتماعية، وانتشار الشعبوية، وارتفاع الراديكالية اليمينية واليسارية، واحتدام الأزمات الداخلية السياسية حتى في الدول الكبرى، إضافة لتعمق الفقر، وتهديد الوباء القاتل.. ويرى بوتين أن كل ذلك يؤثر في العلاقات الدولية، ويعرقل عمل المؤسسات العالمية، ويفاقم الصراع بين الدول.. و مع أمله بألا تؤدي هذه الظروف إلى صدام ساخن، كما حدث في الحرب العالمية الثانية، إلا أنه يحذر من حدوث أي تدهور مفاجئ قد يؤدي لمثل هذه الحرب، ويطالب العالم بضرورة العمل معاً، لتفادي مثل هذا التدهور، ولضمان معالجته إن حدث منعاً لتدحرجه إلى الحرب المدمرة والتي لا يحتملها أحد..

يرى بوتين، أن الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لكل دولة، هو ما يؤسس لعلاقات دولية مستقرة، لذلك على الدول أن تجعل الازدهار الاقتصادي يعالج الفقر، والتفاوت الاجتماعي، كما فعلت الصين حيث إن عدد الفقراء انخفض من مليار فقير إلى ثلاثمئة مليون فقير.. رؤية بوتين تركز على ضرورة البدء من اعتبار المواطن هدفاً وليس وسيلة، وعلى كل دولة أن توفر لمواطنيها العيش الكريم والتطور المطّرد، سواء في الصحة أو التعليم، أو توفير فرص العمل، أو إتاحة حرية التعبير، أو خلق بيئة للإبداع والابتكار.. دائماً هدف السياسة سعادة الإنسان..

من أهم ما جاء في رؤية الرئيس بوتين، ضرورة التعاون الاقتصادي الدولي، مع إعطاء الحرية للمنافسة بين المراكز الاقتصادية المتعددة، إنها صيغة تركز على توفير بيئة للمنافسة في إنتاج الخير للإنسانية، تحت سقف التعاون والتفاعل والتحفيز على التطور والتقدم المستمر، لا تحت مظلة التناحر والتصادم والإفناء المتبادل، إنه تعاون دولي اقتصادي تقني، يحفظ لكل مركز اقتصادي حقوقه، ويتيح للإنسانية الاستفادة من الجميع وهم ينتجون الخير الشامل..

تركز رؤية بوتين للنظام العالمي، على ضرورة الانطلاق من توفير الحياة الكريمة للمواطن في دولته، بما يؤدي إلى استقرار المجتمعات، الذي يؤدي بدوره إلى استقرار العلاقات الدولية، خاصة إذا تم التعاون الاقتصادي الدولي، لضمان الاستقرار العالمي، مع ضمان بيئة المنافسة المطورة، بمثل هذا النظام الدولي، ووفق هذه الرؤية تستطيع الإنسانية مواجهة التحديات، ومعالجة المخاطر، وضمان التقدم الإنساني، في أجواء السلام العالمي والاستقرار الدولي..

بوتين بما قدمه في دافوس، رسخ أهمية امتلاك الدولة للرؤية الفكرية الإستراتيجية، في تحقيق مكانة القيادة وتوفير إمكانية الارتقاء، في الدولة وفي العالم.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار