أكد مقال نشره موقع “غلوبال ريسيرش” أن السلطة في الولايات المتحدة تأتي حقيقة من مراكز الفكر ومن يقف وراءها, لافتاً إلى أن انتخابات رئاسية أخرى، وانتقال سياسي آخر، لا يعنيان بالضرورة فرصة أخرى للولايات المتحدة لتغيير مسارها فيما يتعلق بسياستها الخارجية المدمرة.
وقال المقال: على عكس الاعتقاد السائد، فإن السياسة الخارجية الأمريكية ليست نتاج الممثلين المنتخبين في البلاد ولا يشرف عليها شاغلو المناصب الكبيرة في البيت الأبيض، بل هي مدفوعة بمصالح الشركات الممولة غير المنتخبة، والتي تشمل بعضاً من أكبر وأقوى الشركات والمؤسسات المالية المعروفة في تاريخ البشرية مثل مصرفي “جي بي مورغان و”بنك أوف أمريكا” وشركة “غوغل وفيسبوك ومايكروسوفت” وغيرها الكثير.
وأوضح المقال أن تلك الشركات تصنع إجماعاً في الرأي داخل وعبر قطاع الصناعة والمشهد السياسي وداخل وسائل الإعلام من خلال إدارة وتمويل شبكة من مراكز الفكر السياسية مثل مجلس العلاقات الخارجية ومعهد بروكينغز ومؤسسة راند ومركز الدراسات الإستراتيجية والدولية والمجلس الأطلسي.
وأضاف المقال: يتم تحويل السياسة المقترحة من هذه المؤسسات البحثية إلى مشاريع قوانين، يتم إرسالها إلى واشنطن عبر جماعات الضغط لتتحول إلى قوانين مع القليل من النقاش أو من دونه, وغالباً من دون حتى أن يقرأ ممثلو الولايات المتحدة مشاريع القوانين قبل التوقيع عليها!
ورأى المقال أن هذا يساعد في تفسير سبب بقاء السياسة الخارجية للولايات المتحدة على حالها فيما يتعلق بعلاقاتها عبر الأطلسي ومواجهتها مع روسيا وحملاتها العسكرية الممتدة من شمال إفريقيا مروراً بالشرق الأوسط وآسيا الوسطى، فضلاً عن سياسة التطويق والاحتواء ضد الصين، وذلك بغض النظر عن تركيبة الكونجرس أو من يشغل البيت الأبيض حيث يتم غالباً توارث سياسات معينة بسلاسة من رئيس إلى آخر ومن عقد إلى آخر.
وتابع المقال: وبالمثل، فإن الروابط التي تربط هذه المؤسسات البحثية بوسائل الإعلام الغربية تساعد في تفسير الروايات الفردية التي نراها عندما يحين دور وسائل الإعلام لتسويق سياسة محددة مسبقاً للجمهور الأمريكي وكذلك للجمهور الدولي، وهكذا، من أجل فهم السياسة الخارجية للولايات المتحدة، يجب أن ندرك ماهية الشركات والمؤسسات المالية التي تشكل حقاً تلك السياسة، بدلاً من دراسة الدوافع والميول السياسية المزعومة لأولئك الموجودين في واشنطن الذين يوقعون على هذه السياسة بكل بساطة.
وأكد المقال أن فهم ما سيفعله الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن على مدى السنوات الأربع المقبلة لا يتم عبر فحص برنامجه السياسي المزعوم أو وعود حملته الانتخابية أو حتى متابعة تصريحاته اليومية، بل من خلال فهم السياسة التي سيكلف بها مع فهم أن تلك السياسة مصممة لتكون ذريعة لإدامة فترته الرئاسية.