يستمر فريق الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن بنشر خطاباته كرسالة لإصلاح السياسة الأميركية الداخلية والخارجية، مع التركيز على تحقيق “استعادة وحدة الأمة الأميركية” والتخلص من الانقسام الحاد والتعافي من التمييز العنصري كأساس لإحياء ما يسمونه “الريادة الأميركية” في العالم “كاستثناء يقود الكون وينشر القيم الأميركية في أرجاء الدنيا..”.
هذا الخطاب “البايدني” يبدو جديداً ومصمماً لمعالجة ما خلفته إدارة ترامب؛ ولكن من يتابع التاريخ الأميركي يفاجأ بمدى التطابق بين خطاب الرئيس الأسبق جون كينيدي في بداية ستينيات القرن العشرين مع خطاب بايدن.
فإذا كان بايدن يرفع شعار “استعادة وحدة الشعب الأميركي ومعالجة الانقسام الحاد الحاصل”؛ فإن خطاب كينيدي ركز أيضاً على ضرورة معالجة الانقسام العميق المهدد لأميركا في الستينيات، وضرورة توحيد الشعب الأميركي، وأن حرص بايدن في خطاباته الواعدة على أنه سيعمل على إلغاء التمييز بكل أشكاله وخاصة العنصري، فإن خطاب كينيدي في الستينيات من القرن العشرين بني على هذه الفكرة لتحقيق المساواة وإلغاء العنصرية المقيتة. وإذا كان خطاب بايدن اليوم يسعى إلى إنعاش “الريادة الأميركية عبر نشر القيم الأميركية” فإن خطاب كينيدي, يومها, ركز على أن “رسالة الأمة الأميركية هي نشر الديمقراطية والعدالة والحرية والمساواة”.. تطابق شبه حرفي, بين خطاب كينيدي المنتمي إلى ستينيات القرن العشرين وبين خطاب بايدن في نهاية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين.. فما القصة؟.
القصة واضحة، والمعنى ساطع للإدارات المتعاقبة، تستخدم خطاب “توحيد، ونهوض، وريادة، ورسالة، وقيم، وديمقراطية..” ولكنها تمارس في الواقع سياسات السيطرة والهيمنة والنهب لشعبها وللأمم الأخرى.. لذلك يبقى الخطاب نفسه، “إنسانياً، نهضوياً، ديمقراطياً، تعاونياً، جديداً..” ليغطي السياسات الباقية، والهادفة للسيطرة والهيمنة والنهب.. ويبدو أن تطابق خطابي بايدن وكينيدي وغيرهما يكشف أن ترامب كان له “فضل” ظهور الحقيقة الأميركية السافرة والمستمرة عبر الإدارات والواصلة له؛ ففضحها باستعلائه. حيث قدم خطاباً عنصرياً، ناهباً، طامعاً، وقحاً، في عدائه لسيادة الدول وكرامة الشعوب وقرارها واستقلالها.. ترامب فضيحة أميركا.. وتطابق خطابي بايدن وكينيدي دليل جريمة أميركا المستمرة وهي مدثرة بالخطابات الرنانة الطنانة..