“الترامبية” تهدد أمريكا
رحل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن الحكم، لكن بقيت فضائحه تتصدر واجهة الأحداث، خاصة تحريض أنصاره على العنف والتمرد الذي تجلى خلال اقتحامهم (الكونغرس) في موجة اضطرابات أسفرت عن مقتل 5 أشخاص, ما يعني أن ترامب لم يفلت من تبعات أفعاله, فمن المقرر أن يرفع مجلس النواب غداً الاثنين وثيقة مساءلة إلى مجلس الشيوخ، تمهيداً لبدء محاكمة ترامب.
يريد (الديمقراطيون), من وراء محاكمة ترامب, إقصاءه نهائياً عن الحياة السياسية ومنعه من التفكير في الترشح مرة أخرى للانتخابات الرئاسية، وذلك من خلال تمرير تشريع إلى مجلس الشيوخ يقطع الطريق على أي أمل لترامب بالعودة إلى الواجهة, الأمر الذي سيكون بمثابة حكم الإعدام لأي طموح سياسي بعد أربعة أعوام, وهو ليس بالأمر الهين على شخص متعجرف ينتهج أسلوب العنجهية والعنف.
اللافت، أنه فيما يتجرع (الجمهوريون) مرارة الهزيمة وتحولهم، بفعل سياسات ترامب وأفعاله، لأول مرة منذ أكثر من عقد إلى وضع الأقلية بعد سيطرة (الديمقراطيين) على البيت الأبيض و(الكونغرس) بمجلسيه، لا يزال (الجمهوريون) يكابرون على هزيمتهم ويتصارعون في مجلس الشيوخ، فيما إذا كان ينبغي عليهم الانضمام لـ(الديمقراطيين) وإدانة ترامب بارتكاب جرائم كبيرة وعلى رأسها تحريضه على العنف، أو البقاء على موقفهم المناصر له.
بالنسبة (للجمهوريين) إنه وقت الاختيار وأخذ القرار فيما إذا كانوا سيواصلون السير في اتجاه ترامب والسماح “للظاهرة الترامبية” أن تطيح بالنزعة الجمهورية تماماً من المجال السياسي, أم إنهم سيعودون إلى جذورهم وتنظيف أنفسهم قبل حزبهم من “الترامبية”, خاصة أنه على مدى السنوات الأربع الماضية، ارتبطت قيم الحزب الجمهوري ارتباطاً وثيقاً بأهواء ترامب، الذي قوّض دعائم الحزب بسياساته قبل تقويضه المؤسسات “الديمقراطية”، واستبدل سيادة القانون بشعبوية متهورة أفضت إلى أزمات داخلية وخارجية وعزلة أمريكية.
رغم رحيل ترامب، إلا أن ما أفسده خلال السنوات الأربع الماضية في الولايات المتحدة يصعب إصلاحه, فهناك مخاوف من استمراره بالتحريض وبث الانقسام أكثر، خاصة أن الظاهرة “الترامبية” تلاقي رواجاً بين فئات كبيرة من الأميركيين الذين يشعرون بالغضب تجاه الطبقة السياسية الحاكمة.
وعليه, فإن الفترة الرئاسية الأولى لجو بايدن والانتخابات النصفية “للكونغرس”، ستكون مليئة بالفوضى وعدم الاستقرار، خاصة أن ترامب قد زرع أنصاره الشعبويين كالقنبلة الموقوتة التي تنتظر شرارة التفجير في أي وقت يريده ترامب لإشعال الداخل الأمريكي.