ابتسم في وجه الصباح ..!

ماذا يحدث عندما نجعل حس الفكاهة جزءاً من سلوكنا ونضيفه إلى نمط حياتنا؟
في كل صباح تشرق الشمس فتضيء العالم بأنوارها وتبث الدفء في الحياة رغم كل مايتعرض له الكون من أحداث وتغيرات وتقلبات قد يرصدها البعض وقد تكون بعيدة عن الأعين .. لكن مايهم أن النهار يتجدد ويتجدد معه الأمل والفرص والإبداع .. والدرس الأول في قاموس الحياة أن التفاؤل يصنع المعجزات وأن الحياة لا تستقيم من دون الابتسامة الجميلة النابعة من القلب .
ومن هنا يبدو أن تعاطي جرعات من الفكاهة اللطيفة الراقية والسرور هو أشد مانحتاجه في عالم يحتفي بالخوف وينذر بالخراب ويتوقع نهاية العالم …
ثمة من يرى أن الفنون الثقافية التي تمتاز بحس الفكاهة تستطيع أن تدخل إلى نوافذ عميقة في النفس لا يكاد يصل إليها أي فنّ أو أدب .. وتجتاز الحدود والخطوط حتى إنها لتنزع الريش عن الطواويس .
حيث يجزم الكثيرون من الفلاسفة والمفكرين والمثقفين بأن الفكاهة والضحك جانب مهم من السلوك الإنساني المرتبط بالتفاؤل والأمل وهو جدير بالدراسة لأنه ظاهرة تتقاطع فيها حقول معرفية عديدة .. ويؤكد بعض الكتاب أن من أصعب أنواع الكتابة كتابة جادة حول الضحك.
وفي علم الضحك نجد أن مصطلح الفكاهة مصطلح عام ليس له من تعريف دقيق و ما يفيد في هذا المقام معنى الابتسامة وفسيولوجيا الضحك كعلم نما بسرعة حيث تظهر الدراسات الحديثة أن له دوراً في زيادة حالة الاستثارة والنشاط في المخ والجهاز العصبي. كما يعمل على حدوث زيادة في ضغط الدم وضربات القلب كما يعزز المناعة وتزيد من مقاومته للأمراض وكذلك يصحب الضحك نشاط تكاملي متزامن بين نصفي المخ الأيسر والأيمن ما يجعلنا اليوم في أمس الحاجة إلى هذا الدواء بعد تراكم النوائب والمحن .
معظم الفلاسفة الكبار أصحاب النظريات الكبيرة في علم الجمال والموضوعات الفنية بشكل عام لهم إسهامات مهمة أيضاً في نظرية الضحك إذ إن الضحك وثيق الصلة بالفن والإبداع خاصة سقراط وأفلاطون وأرسطو وهوبز وكانط وشوبنهور وغيرهم ..
ويحاول البعض أن يربط بين الفكاهة والشخصية من خلال العلاقة بين أنماط الشخصية الإنسانية وبين الفكاهة .. ويبحث آخرون أيضاً في العلاقة بين المجتمع وبين الفكاهة والضحك وآراء العلماء في هذا الجانب تذهب إلى ربط بعضها بين الفكاهة وبين أعماق الطبيعة الإنسانية والنشاط الإنساني .ولعل المثير في الأمر أن الشعوب الأكثر معاناة هي الأكثر إبداعاً في استنباط الفكاهة من الألم والمعاناة .
ولذلك ليس بالمستغرب أن نجد التراث العربي يستعرض العديد من الآراء والأقوال والأحداث والشخصيات النابضة بحس الفكاهة خاصة آراء الجاحظ في بعض ما كتبه حول البخلاء والحمقى وتفسير أبوحيان التوحيدي للضحك ..
ولا ننسى ذلك الرابط الهام بين الفكاهة والفنون التشكيلية عبر تاريخ الفكاهة البصرية من أول فكاهة سجلها السومريون وصولاً إلى فن الكاريكاتير..
ومجمل القول وعن المضحكين يقول د. شاكر عبدالحميد في كتابه “الفكاهة والضحك”: لقد كان الحمقى والمتحامقون والمضحكون والمهرجون موجودين دائماً في كل مكان عبر التاريخ ينشرون الفرح حتى لو كانت أعماقهم غارقة في الأحزان.. وكان لهم حضورهم الدائم في كل مكان..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار