تأملات في إبداع الطبيعة !
هل تشعر بتواتر الحركات الدورية التي تولد الإحساس بالزمن؟
قد تكون على شكل حركة الحياة المتجددة من البذرة إلى الزهرة فالثمرة فعود على بدء هي ضرب من الإيقاع بل إن منظراً من الأعلى لغابة مكتظة بأنواع شتى من الأشجار يمنح العين مشهداً إيقاعياً مزركشاً وعندما تلقي الطبيعة أوراقها فتعرى الأشجار تجدها تصنع بآليتها العفوية تلك تكويناً زخرفياً عشوائياً يبطن الإيقاع ؟ولكم سحرتنا مروج الزهور بألوانها البهيجة من دون أن ندري أن في سر تلك البهجة يكمن الإيقاع.
قد تكون محظوظاً بمعرفة المزيد من العلاقة الإبداعية ما بين الطبيعة وحركة الحياة عبر قراءة كتاب جديد كالذي وجدته في مكتبتي والصادر عن “الهيئة العامة السورية للكتاب” بعنوان “إيقاعات الإبداع في الطبيعة والفن” تأليف الكاتب كمال قنطار، وتصميم الغلاف للفنان عبد العزيز محمد.
بصراحة، راقت لي فكرة الكتاب الجديدة والمبتكرة وأعتقد أنه لم يسبق تناولها بإسهاب وتحليل كما فعل الكاتب، فالكتاب يتناول جملة من الإيقاعات التي تمثل حصيلة الحوار الخلّاق بين الوعي الإنساني ونشاطه المبدع ومظاهر الطبيعة الجياشة بالحركة.
كما يعرض الكتاب في فصوله مجموعة صور من تجليات الطبيعة وأحوالها في الفنون والعلوم المختلفة، مبيناً غناها بالإيقاعات، حتى – ربما- قبل أن يلحظها الإنسان ويقلدها، ويشتقّ منها قيماً إيقاعية.
ويشير الكاتب قنطار إلى كيفية انتباه الإنسان إلى تلك الإيقاعات واكتناه أسرارها، وتوليد المزيد منها، وكيف ابتكر من ضروبها – في سائر الفنون – ما يمتع الوجدان، ويثري المعرفة البشرية.
يقدم كتاب “إيقاعات الإبداع في الطبيعة والفن” جملة إيقاعات تمثل حصيلة للحوار الخلاق بين الوعي الإنساني ونشاطه المبدع ومظاهر الطبيعة الجياشة بالحركة عبر ملامح من تجلياتها في الفنون والعلوم المختلفة.
واختص كل فصل من الكتاب بقيمة إيقاعية واحدة وبشواهد من تجلياتها في الطبيعة والفنون والبنى الرياضية والمنطقية.
حيث تضمن الكتاب تسعة فصول حملت عناوين “التكرار” و”التواتر والتناوب” و”التضاد والتنافي” و” التناظر و التنافر” و”النمو” و”التحاكي” و”التتالي والتسلسل” و”التقاطع والتداخل” و” التركيب والتكامل الإيقاعيين” مبيناً عبرها كيفية انتباه الإنسان إلى تلك الإيقاعات وأسرارها مبتكراً منها كل ما أثرى المعرفة وأمتع الوجدان.
كما يدمج الكتاب بين القراءة الفلسفية والفكرية وبين التحليل الذاتي العاطفي للمؤلف اللذين سعى عبرهما لتوضيح العلاقة الجدلية بين الإنسان والطبيعة وتأثر الفرد بما حوله.