يحكى أنه في استطلاع أجرته شركة “pwc” بشأن تحديد الصفة الأهم التي يحتاجها الرؤساء التنفيذيون للنجاح في الأوقات العصيبة, كانت النتيجة, والتي شملت ١٠٠٠ رئيس تنفيذي, أن الفضول والانفتاح الذهني هما صفتان تتزايد أهميتهما في زمن التحديات.. وأن الزمن الإداري اليوم صار للمدير الفضولي والقائد الذي يعتمد التشكيك وطرح الأسئلة وليس القائد المتمكن دائماً من الأجوبة!!
وفي هذا تغير جذري بأسلوب الإدارة, ونقطة بداية التغيير في قطاعات وصناعات بأكملها إذا ما اعتمدت على الاستقصاء الفضولي الذي يحتاج بحثاً دائماً عن الأفكار والمقاربات الجديدة لمواكبة التطوير والتفوق على المنافسين.
في الحقيقة، النتيجة أذهلتني وأثقلت مخيلتي باستحضار ماهو مناسب من صورنا الإدارية التي لا يمكن أن تحاكي “الفضول المعرفي” إلا من زاوية الفضول السلبي والمبني على قواعد إدارية تعتمد الحشرية، لكن البعيدة كل البعد عن الحشرية المعرفية والتي منبعها: دفتر مراقب الدوام وعدد فناجين القهوة والشاي التي استراح معها الموظف وما إذا دخن سيجارته في المكتب أم استراحة المؤسسة أم الحمام؟؟
حشرية تذكرني بالمخرج العالمي هتشكوك الذي حشر أنفه في كل أفلامه بما يسمى (الظهور العابر) أي إنه وفي كل فيلم لابد من أن يمر بلقطة فيه – مادام هو المدير – إلا أنه واجه مشكلة في فيلم تدور أحداثه حول قارب نجاة, فكيف سيمر المدير الحشري فوق الماء؟؟
وماكان من هتشكوك إلا أن مرر صورته في جريدة يتصفحها بطل الفيلم عن إعلان (تخسيس) يظهر فيها بصورتين قبل وبعد تعاطي الدواء!!
هيتشكوك وظهوره العابر يشبه إلى حد كبير ظهور بعض المديرين في مؤسساتنا الحكومية ومنشآتنا الاقتصادية إلا أن الفرق بينهما أن هيتشكوك حقق نقلة نوعية وشهرة كبيرة في السينما العالمية في حين إن بعض مديرينا لا قدرة لهم على استنباط الاستقصاء الفضولي وحضورهم العابر (الحشري) بكل محطات المؤسسة حضور مجاني..!!!