تشتت الدعم
تفشت ظاهرة المتاجرة بالمواد المدعومة على اختلافها بشكل كبير .. حيث لا يتوانى ضعاف النفوس عن استغلال نقص تلك المواد بسبب الحصار الجائر المفروض على بلدنا لجني أرباح طائلة من جيوب الفقراء الذين يعانون الأمرّين من ضنك العيش في ظروفنا الراهنة.
وفي هذا السياق فإن المحروقات تتصدر رأس القائمة.. ومثالها الجلي يأتي من تكاسي الخطوط الخارجية التي تعدّ بأرقام كبيرة.. فهي على الرغم من توقف عملها وهو نقل الركاب باتجاه الأردن ودول الخليج إلا أنها لاتزال تحصل على مخصصات كبيرة من البنزين ليكون مصيرها المتاجرة، كذلك الكثير من تكاسي الخطوط الداخلية لا تعمل بنقل الركاب والمخصصات تنتهي بالمتاجرة أيضاً.. وحتى إن عِمل بعضها فالأجر يحسب على بنزين السوق السوداء لا المدعوم بزيادة مقدارها الضعف أو الضعفين عن النظامي، ومادة المازوت على المنحى نفسه حيث تقع المتاجرة بكميات ليست بقليلة من مخصصات الزراعة والصناعة والأفران الخاصة.
ولا يسلم الدقيق التمويني من المتاجرة حيث تقوم المخابز الخاصة ببيع كميات منه لأغراض أخرى في السوق السوداء.. والأدهى والأمرّ أن مخابز خاصة في الأرياف تأخذ مخصصات مدعومة من الدقيق والمازوت وتعمل لفترتين.. في الأولى تنتج خبزاً تموينياً وفي الثانية تنتج خبزاً سياحياً، ما يجعل حبل التلاعب بهما على غاربه، وواقع المقنن العلفي ليس بالأحسن فهو يندرج ضمن حلقات المتاجرة، كذلك حِرف المنتجات الإسمنتية التي تستجر الإسمنت بسعر أقل من السوق فإنها تُلحقه بركب المتاجرة.
واللافت للنظر أن كثيرين يحوزون بطاقات ذكية لأسر بالمهجر ويستلمون مخصصاتها . فيتنعمون بوفرة المواد المدعومة.. فيما الفائض عن حاجتهم مآله المتاجرة.. وذلك يحدث في حين يعاني من لديهم بطاقة واحدة الأمرين لتأخر استلام مستحقاتهم وعدم كفايتها لسداد حاجتهم، علماً أن ما يفاقم التأخر هو بطاقات المسافرين تلك.
بالمحصلة .. لا يمكن التقليل من أهمية الدعم في حال ضمان وصوله إلى مستحقيه، لكن في ظل إساءة استخدام المواد المدعومة والمتاجرة بها بشكل يلحق الضرر الكبير بالمواطنين.. فلا بد من إجراءات مسؤولة تحدّ من التلاعب والتجاوزات الحاصلة وملاحقة المتاجرين.