فضائح تُعرّي هولندا
لم يعد رئيس الوزراء الهولندي مارك روته يقوى على مواجهة المزيد من الفضائح الجديدة، وهو الذي في سجله الوزاري طيلة الأعوام العشرة الماضية، سلسلة فضائح مدوية من دعم الإرهابيين في سورية إلى الاحتيال في إعانات رعاية الأطفال وتوجيه اتهامات كاذبة لآلاف الأسر، وسط مخاوف من بلبلة سياسية لن تقوى هولندا على مواجهتها وهي ترزح تحت قيود (كورونا).
أي متتبع لسياسة روته وسجله الوزاري، يدرك أنه لم يستقل اعترافاً منه بالخطأ، أو لشعوره بالخجل بعدما اتهمت حكومته آلاف الأسر بالحصول على مساعدات اجتماعية عن طريق الاحتيال، وإجبارها على إرجاع الأموال المزعومة وإغراقها في أزمات مالية كبيرة، ما أدى لإفلاس عدد كبير من العائلات التي فاق تعدادُها 26 ألفاً، قبل أن يتبين للحكومة أن هذه الاتهامات كانت خاطئة!.
في حقيقة الأمر، ما دفع روته للاستقالة هو محاولته الهروب من الواجهة السياسية مع تصاعد الانتقادات للحكومة التي ثبت بالدليل القاطع زيفها ونفاقها، ورغبته في تفادي تصويت البرلمان، الأسبوع المقبل، على حجب الثقة عن حكومته، خاصة بعد أن اجتمع أحزاب الوسط واليمين الأربعة الحاكمة وناقشوا استقالة محتملة لحكومته المتهمة أيضاً بالتمييز العنصري، لأن أغلبية العائلات من مزدوجي الجنسية، ما سلط الضوء مجدداً على الانتقادات القديمة ضد العنصرية في هولندا.
نفاق حكومة روته وفضيحة إعانات الأطفال، أعادت للأذهان فضيحة تورط هولندا في دعم التنظيمات الإرهابية في سورية، والتي تكشّفت أمام الرأي العام العالمي بعدما أقر روته مؤخراً بتدخله شخصياً لعرقلة تحقيقات برلمانية حول تقديم حكومته ملايين الدولارات للإرهابيين، ما يعرّي النفاق السافر في سياسات هولندا وتشدقها بمزاعم “محاربة الإرهاب وحماية حقوق الإنسان” بغرض التعمية على ارتهانها لواشنطن وتورطها بدعم الإرهابيين في سورية.
ليس مستغرباً أن تستنزف حكومة روته آلاف العائلات الهولندية زوراً، وتجرّم الأبرياء وتدمر حياة الأطفال، إذا كانت تنتهج انتهاك حقوق الإنسان ودعم الإرهاب هنا وهناك خدمة لمصالحها وأطماع حليفها الأمريكي، وما يزيل الغرابة عن الأمر هو أن جذور دعم الإرهاب متأصلة في سياسات الحكومة الهولندية بدءاً بالسياق السياسي المحلي وصولاً لوجود شبكات ربط مع التنظيمات الإرهابية داخل هولندا وخارجها.
وعليه، فإن هولندا آخر من يحق له الحديث عن “الديمقراطية وحقوق الإنسان”، بل يجب أن تخضع للمحاكمة والمساءلة أمام محكمة العدل الدولية، التي تستضيفها، بوصفها راعياً من رعاة الحرب والإرهاب.