لم تحاول دول الاتحاد الأوروبي حتى الآن الخروج من تحت عباءة السياسات الأمريكية ولا يزال الكثيرون يصنفونها (عملاقاً اقتصادياً وقزماً سياسياً).
لقد حاول الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك أن يقف موقفاً مغايراً عن الموقف الأمريكي وهدد باستخدام “فيتو” إذا طرح موضوع غزو العراق على مجلس الأمن عام 2003 لكن فرنسا ومعها الاتحاد الأوروبي انخرطوا مع الموقف الأمريكي بعد الغزو، وفي الاتفاق النووي الإيراني لم يوافق الأوروبيون على الانسحاب الأمريكي منه وتعهدوا بتعويض إيران عن كل خسائرها من العقوبات الأمريكية، لكن كلامهم بقي نظرياً وسحبوا استثماراتهم من إيران تماهياً مع الموقف الأمريكي الذي اتخذه الرئيس دونالد ترامب وهم الآن يحذرون طهران من عملية تخصيب اليورانيوم بدل أن يشجعوا إدارة جو بايدن التي وعدت بالعودة إلى الاتفاق كي تحث الخطا لإعادته وعندها تنتفي كل دواعي التحذيرات، وحتى الرئيس الفرنسي الحالي الذي دعا إلى تشكيل قوة عسكرية لحماية أوروبا لعدم ثقته بحلف “ناتو” الذي لا تحركه إلا الأوامر الأمريكية لم يتخذ أي خطوة في ذلك الاتجاه، والمؤسف الآن أن الاتحاد الأوروبي يسير على طريق فرض العقوبات على دول وشركات وأشخاص حول العالم وفق ما تريده إدارة ترامب التي تعيش آخر أيامها ومازالت تقتات بفرض العقوبات وانتهاك القوانين الأمريكية والدولية.
لقد حاول الاتحاد الأوروبي قبل عقدين من الزمن أن يؤسس لشراكة (أورو متوسطية) ومساعدة دول حوض المتوسط في تسريع عمليات التنمية لتجنب خطر الهجرة من شمال إفريقيا وشرق المتوسط ولقناعته بأن تحسين مستوى الحياة في تلك الدول يعزز الأمن القومي لدول الاتحاد، لكن وللأسف كانت الضغوط الأمريكية كفيلة بتخلي الاتحاد حتى عن القرارات التي تعزز أمنه القومي.
إن سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه سورية وإيران وتجاه كل الدول التي تحارب الإرهاب وفرضه العقوبات الجائرة وغير القانونية على الشعب السوري هي سياسة مرفوضة ومدانة ولا تخدم مصالح دول الاتحاد ذاتها لأن من يتبع “البوم الأمريكي” لن يدله إلا على الخراب.