(من دهنو سقيلو) ..!
لم يعد مهماً لدى المعنيين أكان لحم «كبش» ملفوف القرون أم كان لحم «تيس» بـ(غرّة مجدولة) أم حتى لحم عجل خاض حلبات الذبح, أو لحم أنثى «عواس», تلك اللحوم المفرومة والمكدسة على (بسطات) القصابين بلغة عربية فصيحة, و«اللّحامين» بلغة السوق الدارجة, أو حتى لحم ديك رومي كان ذات يوم يمشي متبختراً قبل أن تطوله سكين أولئك «اللّحامين» وتجعله مفروماً, أو لحم «نتر» بلغة نشرات «حماية المستهلك» التي تمنع الخلط والفرم للحوم وبيعها وبحيث «لا يختلط حابل التيس بنابل الرومي», و(تضيع الطاسة) بين لحم الفروج واللحوم الأخرى, وبما يمنحها ماركة مسجلة «لحم عواس ذكر مفتول الشارب» أو حتى لحم غنمة استباح دمها الجزارون تحت جنح ظلام الرقابة, وفي غفلة منها, تباع بأسعار تطول جيوب مواطنين مصنفين لدى المالية من درجة ذوي الدخل المهدود, فيكفي لمراقب صحي أو غيره أن يتابع أسواق اللحوم ليكتشف حسياً, وبالكشف البصري اللحوم المفرومة وأسعارها المتدنية قياساً بأسعار لحم «الكبش» واقفاً على قدميه الذي يساوي سعر كيلو المفروم.. وهل باستطاعة الرقابة أن تحلّ هذه المعادلة سوى أنه مغشوش وهل تستطيع إقناع الآخرين بذلك؟
بالكشف البصري يا رقابة نسأل: هل وجود اللحوم المفرومة و«النتر» التي تباع وعلى عينكم تطابق نشراتكم وتعليماتكم بمنع بيع اللحم المفروم مسبقاً؟ أم إنّ التجارة الداخلية وحماية المستهلك مشغولة بتحقيق أمنيات المواطن للعام الجديد حتى تغطّ عيونها عن ذلك, وأين أجهزتها الرقابية؟.. وإن وجدت فإن بعض ضعاف نفوسها غالباً ما يعملون على تسوية تلك المخالفات على أرض الواقع وفق قاعدة: (لا من شاف ولا من دري), وغالباً ما تأتي هذه التسوية على حساب المواطن «ومن دهنو سقيلو».