وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية لتشرين: جميع قراراتنا تتجه نحو ترشيد الاستيراد وتعزيز المنتج المحلي
في أولى حوارات (تشرين) الاقتصادية استضافت فيها مؤسسة الوحدة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور سامر الخليل للحديث عن واقع الاقتصاد السوري في ظل الظروف الحالية والتداعيات السلبية نتيجة الحرب الكونية والحصار الاقتصادي الظالم على بلدنا حيث استهل الخليل الجلسة الحوارية بكلمة شكر لمؤسسة (الوحدة وصحيفة تشرين) على هذه المبادرة متمنياً تكرارها لأن الإعلام يقرب المسافة وهو صلة الوصل مع المواطنين وله دور مهم في إيضاح الصورة حتى يتعرف الناس على ما هو موجود في جميع القطاعات وكيف يتطور كل منها.
وأضاف الخليل إن تركيز الجهات المعادية لبلدنا كان ومازال على الاقتصاد السوري لفشلهم خلال الإحدى عشرة سنة الماضية في تحقيق أهدافهم فاتجهوا لخنق المواطن السوري لأنه صمد في وجه جميع أشكال المؤامرات التي حكيت….
وقدم الخليل عرضاً عن المرحلة ما بين عامي ٢٠٠٠_ ٢٠١١ التي وصفها بالمرحلة الذهبية على المستوى الاقتصادي، إذ كانت سورية من أقل عشر دول على مستوى العالم مديونية، وفيها معدلات تضخم صغيرة جداً لاتكاد تذكر، وكانت بنية الاقتصاد السوري تتميز بتطور كبير في هيكليتها وانتقل من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد إنتاجي زراعي صناعي، وأصبح القطاع الإنتاجي يشكل الجزء الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي، كما نمت القطاعات الخدمية بشكل كبير جداً، وظهرت حركة صناعية وأصبح لدينا قيم مضافة عالية في بعض صناعاتنا، كما انعكس طول فترة استقرار سعر الصرف على تشجيع الاستثمار والإنتاج، هذا إضافة إلى تحسن واقع الميزان التجاري لجهة الصادرات التي ارتفعت قيمتها وازداد انتشارها الجغرافي.
وبين الخليل أن كل ما سبق انعكس معدلات نمو اقتصادية كبيرة جداً على المستوى العالمي ووصلت إلى ٥ بالمئة ، وكذلك على انخفاض معدلات البطالة .
وأضاف الخليل في العام ٢٠١١ بدأت الآثار السلبية للحرب على سورية المباشر منها وغير المباشر، وحصل دمار كبير للقطاعات والبنى التحتية ما نجم عنه ما يسمى بصدمة إنتاج وانخفض الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير جداً وخاصة عام ٢٠١٣ الذي يعتبر الأسوأ على الاقتصاد السوري من حيث معدلات نمو سالبة ومعدلات تضخم عالية جداً وأضرار كبيرة بالبنى التحتية لاسيما قطاع الطاقة والذي له آثار اقتصادية كبيرة ومضاعفة على باقي القطاعات، وخرجت مناطق عن سيطرة الدولة وتحولنا من مصدرين لكثير من المواد إلى مستوردين لها وخاصة النفط والقمح، وترافق ذلك مع ارتفاع تكاليف تحويل الأموال وتكاليف الشحن والتأمين والحاجة للقطع الأجنبي، وإعاقة ناقلات النفط من الوصول واستهداف العديد من ناقلات نفط قادمة إلى سورية ما انعكس مشكلات اقتصادية وخدمية، وبالتالي أصبحت الاحتياجات الاستيرادية كبيرة مقارنة بإمكانيات محدودة.
وبين الخليل أن المواطنين في السنوات الأولى من الأزمة أصابهم حالة من الهلع واتجهوا للبحث عن الاكتناز وظهرت المضاربة من خلال هجوم كبير على الليرة من قبل مضاربين ودول والأفراد الراغبين في الحفاظ على مدخراتهم فانخفضت قيمة الليرة السورية وتضاعفت الأسعار مع وجود تجاوزات سعرية من بعض التجار، هذا إضافة إلى ارتفاع تكاليف الشحن وكذلك قطع المنافذ البرية عن سورية فتأثرت الصادرات مع العقوبات التي كان لها أثر كبير جداً على اقتصادنا من حيث ارتفاع العمولات وإحجام الكثير من الشركات العالمية عن التعامل معنا ومنشآتنا أغلب قطعها أوروبية وحتى استيراد المواد الغذائية أصبح مكلفاً بسبب العقوبات …
وزاد الخليل على ما ذكره سابقاً بالحديث عن صعوبات ودائع التجار السوريين التي احتجزت في المصارف اللبنانية وهي مبالغ ضخمة وكانت من القنوات لتأمين احتياجاتنا، إضافة لجائحة كورونا التي أثرت على تكاليف وأسعار المواد الغذائية على مستوى العالم لقطعها سلاسل التوريد ، وكثير من التقارير العالمية تؤكد أن أسعار المواد الغذائية هي الأعلى منذ ٦٠ عاماً وغيرها الكثير من المشكلات التي تجمعت مع بعضها بعضاً…
وتحدث الخليل عن المالية العامة للدولة مبينا أن الإيرادات العامة ازدادت لكنها لا تنسجم مع الإنفاق إذ إن تحرير اي منطقة يتطلب إعادة تأهيلها وهذا يحتاج إلى اتفاق استيرادي وهو مكلف.وعن المرحلة الحالية بين الخليل أنها تتطلب إعادة ترتيب الأولويات حسب القطاعات التي نحتاجها وهذا ما دفع إلى إصدار قانون الاستثمار الجديد الذي خلق حوافز حسب القطاعات والمناطق وفاضلنا حسب القطاعات التي نحتاجها وعلى سبيل المثال فقد أعفيت المشاريع الزراعية من ضريبة الدخل مدى الحياة ومشاريع الطاقات المتجددة بنسبة ٧٥ بالمئة من أرباحها لمدة عشر سنوات، كما بسطنا الإجراءات للمستثمرين فالمستثمر الراغب في الاستثمار في المدن الصناعية يحتاج إلى وقت حده الأقصى ٤٨ ساعة، وفي أطول فترة يحتاج ل٣٠ يوماً للحصول على إجازة الاستثمار وأصدرنا
دليل الخدمات الاستثمارية ولم يعد المستثمر يحتاج إلى مراجعة أي جهة حكومية فهناك ٢٦ جهة ممثلة في مركز خدمات المستثمرين.
أما فيما يتعلق بقانون الاستثمار فقد أكد الخليل أن قانون الاستثمار الجديد راعى مجموعة من التحديات في مقدمتها إعادة الإعمار وتقديم ضمانات مريحة للمستثمرين ووجه الاستثمارات نحو القطاعات ذات الأولوية ومنحها إعفاءات ومزايا عديدة بما يسهم في إيجاد بيئة استثمارية تنافسية وتوسع قاعدة الإنتاج وتزيد فرص العمل .
موضحاً أن عودة الأمان والاستقرار إلى العديد من المناطق في سورية أسهمت بتحريك عجلة الإنتاج , حيث بدأت المنشآت الإنتاجية بالعودة للعمل ومع ازدياد استيراد خطوط الإنتاج زاد عدد المنشآت التي تدخل دورياً إلى العمل , ما من شأنه زيادة معدلات الإنتاج .
وأشار الخليل إلى تدني نسبة الدين الخارجي على سورية برغم الحرب القاسية لأكثر من عشر سنوات , مبيناً أن هناك حرص دائم على تأمين كافة الاحتياجات والموارد .
مضيفاً منذ العام 2016 بدأ وضع آلية جديدة للاستيراد وهي عدم ترك خيار منح الإجازة لأي موظف وبالتالي رفع اليد عن تلك المنح , فهناك دليل إلكتروني متاح للجميع تم من خلاله استبعاد الكماليات والتركيز على الضروريات المسموحة بالبند الجمركي مع تبسيط الإجراءات الممنوحة للمستثمرين والابتعاد عن الروتين والعمل البيروقراطي من خلال إنشاء مركز خدمات المستثمرين الشامل لكل الأوراق والموافقات المطلوبة..
ولفت الخليل إلى أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة قطاع محرك للنمو حيث تجاوز عددها سقف 777 ألف مشروع بكل القطاعات في المناطق الآمنة
, منها 60 % تعمل بشكل منظم و29% غير منظم وهذا يحتوي على الجزء الأكبر من العمالة وهناك مجموعة من الجهات تتعاون لعمل استراتيجية وطنية للمشروعات للتعريف بها واعتماد تعريفها وتوزيعها قطاعياً ووضع الاستراتيجيات بناء عليه , فكل مادة في الدليل مسموحة لكل الناس وأي صناعي يقدم ويأخذ الإجازة من خلال مديرية الاقتصاد بالتنسيق مع الجمارك ووزارة الاقتصاد للتدقيق في المواد المستوردة وكميتها وذلك لتحقيق العدالة والشفافية والمصلحة العامة ووضع سقوف للمواد كافة .
وحول مجالس رجال الأعمال بين الوزير الخليل أنه كان هناك 68 مجلس أعمال بين سورية ودول العالم وبقيت 6 مجالس بسبب قطع تلك الدول علاقاتها مع سورية والآن أصبحت سبعة مجالس بعد إضافة المجلس الإماراتي وهناك دراسة لمجالس أخرى مع عدد من الدول الراغبة بالتعاون في المجال التجاري .
وعن بدائل المستوردات أوضح الخليل أن المشمّل حالياً بالبرنامج 69 مادة وقطاع وقد بدئ به في العام 2019 وفي العام الحالي تم تفعيله من خلال القيم المضافة التي تحققت والمعايير الاقتصادية والتشجيع على الصناعات الوطنية القائمة .مشيراً إلى أنه كان هناك الكثير من الهيئات تابعة لرئاسة مجلس الوزراء وكان ارتباطها بالتطبيق العملي غير مجدٍ فكان لابد من إعادة ارتباطها بوزير لتكون لها استقلالية مالية وإدارية مع متابعة فنية وكادر مساعد ولوزارة الاقتصاد دورها في التنسيق .
أما فيما يتعلق بتأثيرات كورونا على الواقع الاقتصادي فقد أكد الخليل أن تفشي كورونا أثر في أسعار السلع الغذائية بشكل كبير، وارتفع سعر الرز والسكر والحبوب في العالم وازدادت تكاليف توريدها، وتكلفة شحن بعض المواد بنفس سعر المواد.
وأضاف هناك عبء كبير على الاقتصاد، لكن المطلوب كفاءة العمل والتوجه نحو ترميم بنى الإنتاج وجلب استثمارات، وهذه أولوية الأولويات للوزارة والحكومة أيضاً ..
وأضاف الخليل قانون الاستثمار الجديد حرك الاقتصاد والفوائد، وعملنا قائمة بأولوية القطاعات الاستثمارية وفيها تمايز ، فالقطاع الزراعي أخذ ١٠٠% إعفاءات مدى الحياة، أما قطاع النفط فقد كانت إعفاءاته ٧٥% لعشر سنوات، وهناك قطاعات اقتصادية في مناطق تنموية أعطينا لها مزايا أكثر ، في حين قدمنا مزايا خاصة للمناطق المتضررة بهدف إعادة الإعمار.
وختم الوزير حديثه بأن أغلبية قرارات الوزارة تتجه نحو ترشيد الاستيراد وتعزيز الناتج المحلي عبر تشجيع القطاعات الإنتاجية وحمايتها وتخفيض الطلب على القطع الأجنبي .