مَنْ منع الدواء والغذاء هو مَنْ يقطع «الإرسال» اليوم

بات واضحاً أن الإرهاب بكل أشكاله يمثل الوجه الحقيقي للدول الغربية، بل هما وجهان لعملة واحدة، وهذا التزاوج استولد اتجاهاً جديداً للإرهاب موظفاً كل التقنيات الحديثة التي تمتلكها الدول الغربية للتأثير في المتلقي قسراً أو طوعاً عبر دس الفتن والأفكار الإرهابية كالسم بالدسم، ليصبح أداة من أدوات التنظيمات الإرهابية.. بل بات جلياً أن الدول الغربية ووسائل إعلامها الحكومية والخاصة وحتى مواقع التواصل الاجتماعي بكل مسمياتها والإرهاب صنوان لا يفترقان، وباتا أكثر ارتباطاً في علاقة متبادلة الأهداف والغايات القريبة والبعيدة.

وإلا ما هو مبرر قرار الإدارة الأوروبية للقمر الصناعي «يوتلسات» إنزال قنوات الإعلام الرسمي السوري عن تردداتها؟ أليس هذا جزءاً من الحرب الإرهابية التي مارستها وتمارسها الدول الغربية على سورية منذ عشرات السنوات، استخدمت فيها كل صنوف الأسلحة.. وحتى الممنوعة دولياً والسياسية والاقتصادية والدوائية والاستخباراتية.. وآخرها الإعلامية بشكلها الفج والوقح، وهذا غير مستغرب ممن يستعملون كل فنون الإرهاب إذ لا يتورعون عن رمي آخر أوراقهم القذرة على طاولة الحرب.

نعم، لقد سقطت ورقة توت أخرى عن عورة الدول الغربية التي تدعي “الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة وحرية الرأي والكيال بمكيال واحد”.. بعدما تدخلت بشكل مباشر في حرب كونية على الدولة السورية عبر التمويل والتخطيط وقيادة غرفة العمليات المتقدمة.. وهذه آخر أسلحتهم الإجرامية إنزال إعلامنا الوطني عن الأقمار الاصطناعية، وهذا ليس العدوان الوحيد على إعلامنا.. فهي سبق وعملت بشكل مباشر منذ الساعات الأولى لانطلاق ما يسمى زوراً وبهتاناً “الربيع العربي”، على “إسكات” صوت الحق والحقيقة عبر التشويش والقرصنة وقطع الإرسال والبث.. وبعد أن فشلت بكل ما تقدم تدخلت بشكل فعلي ومباشر عبر تفجير مقر قناة “الإخبارية السورية” في حزيران من العام 2012 واستشهاد 7 من العاملين فيها وحرق المقر عن بكرة أبيه بقصد منع هذه القناة من البث وإيصال الحقيقة ودحر أكاذيبهم، ولم يكتفوا بذلك بل بعد شهرين فقط وفي آب من العام ذاته، تم استهداف مبنى الإذاعة والتلفزيون في دمشق، وبعد أيام قليلة استهدفوا مبنى الإذاعة والتلفزيون في حلب.

إن قرار الإدارة الأوروبية ليس مفاجئاً وليس جديداً، فمن يشترك بغرفة العمليات مع التنظيمات الإرهابية منذ عشر سنوات هو عمر الحرب على وطننا بالتمويل المباشر والتخطيط والتنفيذ وحتى تمثيل المسرحيات «الكيميائية» وما يزال يحتل أراضي سورية ويسرق نفطها وغازها وثرواتها أمام أنظار كل الهيئات الدولية ومجلس الأمن ويحرق حقول قمحها ليحرم السوريين من رغيف الخبز في رابعة النهار ويحرق بساتين الزيتون والليمون ويقطع المياه عن المدن والبلدات في الجزيرة السورية وعلى امتداد حدودها مع تركيا، بعد أن سرق وقَطَر كل معاملها ومخازن صوامعها وبناها التحتية ونشر قواعده العسكرية الاحتلالية على امتداد الحدود السورية مع الأردن والعراق ليسهل دخول وخروج كبار إرهابييه وبفرض إجراءات حصاره الاقتصادي الوحشي أحادي الجانب عبر ما يسمى “قانون قيصر” ويمنع الطعام وحتى الدواء في ظل جائحة كورونا عن المواطنين السوريين، لن يستحي من أن يأمر الإدارة الأوروبية للقمر الصناعي “يوتلسات” بإنزال قنوات الإعلام الوطني عن تردداتها ظلماً وعدواناً، وهذا ما يؤكد أن القرار سياسي بامتياز وإن إدارة القمر المومأ إليها تعمل وفق أجندة دول معينة لا تروق لها أصوات الإعلام الصادمة المقاومة، وهذا يعتبر استهدافاً للدولة السورية التي تحارب الإرهاب الحربي والسياسي والاقتصادي كما الإرهاب الإعلامي اليوم..

والمؤسف أن إدارة القمر الأوروبي تفتح فضاءها للإعلام التضليلي والظلامي وللقنوات “الإخونجية” المتطرفة إلى عمق الدولة السورية بمزيد من التلفيق والمسرحيات الكاذبة الممتلئة في استوديوهاتها.

إن القرار سيئ الصيت مناف لحرية الرأي والتعبير والتعددية الإعلامية الضرورية لإشاعة مناخ الديمقراطية وحق المعرفة والإطلاع على المعلومات والتحليل من مصادر متنوعة وهو ما يشكل اعتداء على حقوق المواطنين السوريين سواء في الداخل ومن يتابعون إعلام وطنهم الأم من المهجرين بفعل الإرهاب قبل أن يكون القرار المذكور مخالف لمبادئ القانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الشعوب ولا يجب أن يكون قمراً يتبع لهذه الدولة أو تلك.. ولكنه كما هو واضح من قراره أنه مطية بيد الدول الغربية، ومن يدفع له أكثر وهو بذلك بات شريكاً بتأجيج الصراعات وخوض الحروب مباشرة عبر حجب من يشاء من دون وجه حق.. ولو أن هناك عدالة أممية لتمت معاقبة الأقمار الصناعية التي تبث القنوات الداعمة للإرهاب وبالتالي اعتبار من يملكها أو يديرها إرهابيين، وهذا ينطبق على “يوتلسات” الذي ينزل القنوات الشرعية السورية عن تردداتها بينما يطلق العنان للقنوات الإرهابية.

اللافت أن الدول الغربية التي تطالب باحترام حرية الصحافة ورفع القيود المفروضة على الصحافة والانترنت هنا وهناك هي من تمارس إرهابها على إعلامنا؛ ولكن كما فشل إرهابها العسكري والاقتصادي سوف يفشل إرهابها الإعلامي ويكون محدوداً بظل أقمار صناعية بديلة وما أكثرها، وهذا ما سوف يزيد من شعبية قنواتنا ويزيد في انتشارها.

خلاصة القول: بعد أن فشل الغرب بكل حصاراته يحاول اليوم إسكاتنا إعلامياً وهذا خير دليل وخير شهادة من أعدائنا أننا نسير على الطريق الصحيح وأن إعلامنا الوطني استطاع تعريتهم وتحصين وطننا وتوعية مواطنا رغم إمكانيات ماكيناتهم الإعلامية الجهنمية وسننجح ونحن مستعدون لكل الاحتمالات وسوف نتجاوز كل أشكال الحصارات وآخرها الإعلامي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار