دموع التماسيح الغربية
لا تخدعنّكم دموع التماسيح “فالتمساح يذرف الدموع وهو يلتهم فريسته”، وهكذا الدول الغربية “تذرف الدموع” ذاتها على اللاجئين السوريين بينما الحقيقة تؤكد أنها تساهم في معاناتهم عبر عرقلة عودتهم إلى وطنهم لمواصلة استغلالهم سياسياً، ومن السهل التعامل مع التماسيح مثل الإرهابيين لأنهم يحاولون قتلك مباشرة، وهكذا الدول الغربية تدعي مصلحتك بينما في الحقيقة تريد الإجهاز عليك عبر دس السم بالدسم.
وهذا ما تعيه الدولة السورية جيداً، وموقفها، بجناحيها الشعبي والرسمي، واضح وجلي لا لبس فيه، حيث تنظر إلى قضية اللاجئين من أبنائها على أنها مسألة وطنية بالمطلق وإنسانية وأخلاقية واجبة التنفيذ، وما انعقاد المؤتمر في دمشق برعاية واهتمام السيد الرئيس بشار الأسد منذ أيام سوى خطوة لإقفال كل أبواب ونوافذ النفاق والتضليل والاستثمار بمعاناة اللاجئين، والدولة السورية لم تترك أي جهد وأي وسيلة إلا وعملت عليها، وهذا يدركه اللاجئون أنفسهم، والقوانين والمراسيم التي أصدرتها شاهدة على ذلك، ولكن الدول الغربية هي من يضع العصي في عجلات عودتهم وافتعال الأزمات وصنع كل هذه المشاكل في غياهب غرفها السوداء منذ ما يقارب 10 سنوات بحرب كونية لا مثيل لها على سورية، استعملت فيها كل أصناف وأنواع الحرب الساخنة والباردة، فهل الدولة السورية هي من جلبت الإرهابيين والمرتزقة من كل حدب وصوب كما فعلت الجارة التركية في ظل وجود نظامها “الإخونجي”؟ أم كما فعلت بعض المشيخات الخليجية التي استنفرت ماكينتها الإعلامية وطبقت أفلاماً افتراضية واختلقت أحداثاً غير موجودة سوى في أمانيهم ومخيلاتهم، ناهيك بفتح خزائنهم لجلب الإرهابيين للقتال ضد سورية، لجعلها “دولة فاشلة” كما يتمنون، وكما فعلت الدول الغربية بجناحيها الأوروبي والأمريكي التي لم تدخر أي فعل للإضرار بالشعب السوري ومؤسساته الرسمية لتعطيل الحياة فيها؟
فليست الدولة السورية هي من يحتجز آلاف اللاجئين في مخيم الركبان في منطقة صحراوية نائية وتمنعهم من الخروج منذ ما يزيد على 7 سنوات وإنما الولايات المتحدة هي من يفعل ذلك عبر قاعدتها العسكرية غير الشرعية التي تحتضن مئات الإرهابيين، بل تشق لهم الطريق بين الفينة والأخرى عبر بادية تدمر للخطف والقتل والاعتداء على المنشآت النفطية والغازية للتضييق على الشعب السوري أكثر.. وهل الدولة السورية أم أمريكا وذراعها “قسد” من يحتل الجزيرة السورية التي تحتوي 80% من سلة سورية الغذائية والنفطية والغازية والكهرومائية وتسرق كل ما فيها أمام أنظار العالم وتحرم الشعب السوري من رغيف خبزه ؟ وهل الدولة السورية أم تركيا من يحتل الشريط الحدودي معها بطول 822 كيلو متراً وعمق 35 كيلو متراً وتفتعل الحرائق وتدرب الإرهابيين والمرتزقة وتغير أسماء المدن وتفرض التعامل بعملتها، وتسعى “لتتريك” المنطقة وهو الحلم القديم الجديد، وآخرها جعل هذه المنطقة أشبه بمصنع لتفريخ المزيد من الإرهابيين ونقلهم إلى ليبيا تارة أو إلى إقليم ناغورني قره باغ.
ساذج من يعتقد أن أوروبا وأمريكا و”إسرائيل” وبعض العربان قلبهم على الشعب السوري وأنهم فتحوا حدودهم “لتخفيف المعاناة” عنهم، كلام باطل يراد به باطل، فهم تحت ستار “العمل الإنساني” يستغلون حرفهم ومهارتهم بأبخس الأثمان وتدريب البعض وتأهيل الآخرين للعب دور ليس إيجابياً في المستقبل وإنما دور تخريبي مدروس.
ولو كانت نياتهم “صالحة وصادقة” كما يدعون ما بالغوا وتشددوا في فرض الحصارات المتلاحقة، أليس الموجودون على أرض سورية مواطنين سوريين؟ لماذا كل هذه المبالغة بالحصارات المفروضة والتشدد بها يوماً بعد يوم والتي لم يعرفها تاريخ ولا جغرافيا إنسانية، وهي الدول ذاتها التي تتباكى على اللاجئين، وهي من التهمت ثروات السوريين وسرقتها في رابعة النهار بل وضعت يدها حتى على ودائعه الرسمية والأهلية في مصارفها، وحرمت وعاقبت كل من يورد الطعام والدواء! ومنعت حتى الترياق لمعالجة فيروس كورونا عن السوريين وأي شيء يخفف من معاناة المواطن السوري منذ ما يسمى زوراً وبهتاناً “الربيع العربي”، وآخر أوراقهم ولن تكون الأخيرة ما يسمى “قانون سيزر” الذي سنته الإدارة الأمريكية عبر مؤسسات تدعي أنها “نقية وغير مسيسة”.
لا شك أن الحرب على سورية سببت أضراراً مادية ومعنوية ليس في تاريخ بلدنا وحسب بل في تاريخ المنطقة والعالم، من أضرار مباشرة في البنية التحتية وغير مباشرة إلى مئات المليارات من الدولارات وما يزال الحبل على الجرار بسبب إصرار الدول الغربية وحليفاتها الإقليمية وبعض العربية على أذية الشعب السوري والانتقام من الذين ظلوا متمسكين بأرضهم وكرامتهم وإخلاصهم لوطنهم، وهذا ما يغيظهم أكثر ويزيدهم شراسة، ولكن شواهد التاريخ أثبتت أن المحن والحصارات لها نهاية مهما كانت قاسية، ولكنها زادت من مناعة وقوة الدول التي تعرضت لها، فكيف إذا كان قدرها أن تكون دائماً بيضة القبان كما هي سورية العربية والصخرة التي تتحطم عليها كل أمواج خططهم ومؤامراتهم، وقدرها أن تنتصر مهما كان حجم المؤامرات.
هذه هي سورية الأم التي لم تقبل يوماً بأن تعامل لاجئاً فلسطينياً أو لبنانياً أو عراقياً أو كويتياً، إلا كمواطن سوري له ما له وعليه ما عليه، فكيف على فلذات كبدها وهي الأحرص على أبنائها؟!