هل يعالج بايدن “المرض الأمريكي الخطير”؟

بين ترامب وبايدن، هل تفكر أميركا بمعالجة “مرضها الأساس” المتمثل بفرط العدوان والهيمنة الناتج عن الإحساس الوحشي بـ”فرط التفوق والقوة”؟ أم إن كل ما سيجري هو مجرد تغيير بالأقنعة، المتمثلة بشخص الرئيس وطاقمه، مع استمرار الوحشية المتكبرة والمتعالية والعدوانية لأميركا؟

أحد كتاب الشؤون الخارجية الأميركية، يذكر بمقال نشر في 1996 للمؤلفين المحافظين وليام كريستول وروبرت كاغان، سخرا فيه من مبدأ الرئيس الأميركي الأسبق جون كوينسي آدامز والذي نص على أن “أميركا لا تذهب إلى الخارج بحثاً عن وحوش لتدمرها”.. ثم عادا ليطالبا بقيام أميركا بـ” الاندفاع إلى الخارج لممارسة القتل” وهذا ما ترجم بعد 2001 بسياسة “محاربة الإرهاب” التي استغلت لتحقيق الهيمنة والسيطرة بعيداً عن أكاذيب “القضاء على الإرهاب”.

وبعد أحداث 11 أيلول 2001 وخلال العقدين الماضيين انكشفت حماقة هذه السياسة، حيث إن ذهاب أميركا “لمقاتلة” الوحوش (الإرهابيين) خلقت وحوشاً جديدة.

وحسب تقرير لمركز الدراسات الإستراتيجية الدولية فإن عدد المتطرفين الإرهابيين حول العالم تضاعف أربع مرات تقريباً بين 2001– 2018، وكلفت هذه الحرب الهوجاء 6 تريليونات دولار, وأصبحت “الحرب على الإرهاب” طريقاً تم عبرها ومن خلالها تهريب العنصرية المفتوحة إلى السياسة الأميركية السائدة، ومضاعفة همجيتها وعدوانيتها وخاصة أن السياسة الأميركية المعتمدة في عهد ترامب تقوم على الشوفينية (القومية المتطرفة السامة)، وبذلك فإن أكبر تهديد للولايات الأميركية والعالم لا يأتي من أي جماعة إرهابية فقط، بل من الخلل السياسي الأميركي الداخلي الذي أوصل معتوهاً مثل ترامب إلى الرئاسة، وأتاح له إشعال الجنون الأميركي الشوفيني العنصري، ونشر الكراهية ضد الأجانب وحتى ضد المسيحية (كما عبر البابا فرانسيس مرة) ودعا هذا المعتوه إلى إثارة حروب تعود جذورها إلى قرون من سياسات “التفوق الأبيض” والوحشية العنصرية..

ويؤكد كاتب الشؤون الخارجية أن على الولايات المتحدة أن تتحمل المسؤولية عن الوحوش التي خلقتها (القاعدة– داعش– النصرة- أنصار الدين..إلخ) وأن تسعى إلى عدم خلق أي وحوش جديدة، خاصة أن أميركا توجه وجهها إلى الشرق الأوسط وإلى الصين..

هل يقوم بايدن بمعالجة (المرض الأساس) لأميركا بإصلاح سياسات الداخل بتخليصها نهائياً من التمييز العنصري؟ وهل سيصلح نظام “الديمقراطية”؟ وهل سيسعى للمساهمة في إقامة نظام عالمي يقوم على الديمقراطية بين الدول بعيداً عن فروض الشروط والإملاءات والهيمنة؟

هل يمكن لبايدن أن يفكر “بتخليد” اسمه بهذه الإصلاحات؟ أم سيعود إلى سياسات أوباما الشائخة والتي ولدت ترامب واعتدت على العالم, ومارست الهيمنة ولو بشكل أنعم وأكثر خبثاً من ترامب؟ أميركا وصلت إلى مرحلة خطيرة من تفاقم مرضها الخطير عليها والمهدد للعالم كله، وباتت تحتاج بقوة إلى علاج جريء وشجاع.. فهل يقوم بايدن بذلك أم إنه سيغرقها بالوحشية أكثر وأكثر؟!.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار