تغيُّرات

تختلف العادات والتقاليد باختلاف الأشخاص والبيئات والبلدان، وتتغير من حين إلى آخر تبعاً لتغيّرات محيطة تستوجب شكلاً مختلفاً في التغيير والتغيّر، وقد تكون خاصةً ببلاد دون أخرى، وبناس في مكان وزمان ما وتنسحب على آخرين في أمكنةٍ وأزمنة محدودة، ولكنها في حالات المتغيرات الكبرى تكون عامةً وشاملة تعمّ كلّ الشعوب والبلدان، كما يحدث الآن في دواعي الاستجابة لمخاطر الأمراض حين تتحوّل إلى وباء وتفرض إجراءات تكاد تكون موحّدة، ولكنها تكون مستهجنةً في بادئ الأمر ثم تتحوّل إلى مرحلة التعوّد والاعتياد تلقائياً، وأما الجانب المهم في ذلك فهو مدى تأثير تلك المتغيرات على أسس العلائق الاجتماعية، ومدى تقبّل الآخرين وتفهمهم متطلبات وأساليب ونتائج هذه المتغيرات القهرية، وليس قصدنا ولا اختصاصنا أن نسهب في أنماط وتوصيفات وطرق الوقاية من الوافد الوبائي فهذا قيل فيه من أهل الاختصاص وغيره الكثير وسيقال الكثير، ولكنَّ ما يهمنا هنا هو الآثار المباشرة للتوصيات الوقائية وتطبيقها على العلاقات وواجباتها الاجتماعية التي سادت لقرون مضت، والتي تغيرت فجأةً، إذ لا يزال كثير من الناس لا يتقبّلون فكرة التباعد الاجتماعي الذي أوجبه أولو الشأن والاختصاص كشرط لازم من شروط الوقاية من(كورونا) العصر على سبيل المثال.. يستوي ذلك في معظم الحالات والظروف التي تتطلّب تجمّعاً أو لقاءً حاشداً ما، وعلى الأخص والأكثر إثارةً للمشاعر والشجون مناسبتا الفرح والحزن وما يتطلبانه من عزاء أو تهانٍ، فما هي مدى القابلية لدى الطرفين في تفهّم عدم المشاركة بالحضور الشخصي، والاكتفاء بالاتصال الهاتفي أو تقديم الواجب (الإلكتروني)، هذه المتغيرات اللازمة في ثقافة المشاركة الوجدانية ليست بالأمر السهل وليس من اليسير تجاوزها بسرعة، وقد تخلق – ولو مؤقتاً – حالات من العذل والعتاب واللوم لدى الأطراف صاحبة المناسبة المحزنة أو المفرحة، وهذا ما حصل ويحصل، ولكنه بدأ بالتلاشي بسبب كثرة التكرار وضخامة وكبر الحملات الإعلامية العالمية المرافقة والمتتالية، والتي تحاول تحويل تلك المستجدّات والتغيرات الجديدة في العادات والتقاليد العامة إلى ما يشبه الثقافة..ولكنَّ الأنفعَ في الحالتين لزومُ قولِ أهل الحكمة:
كن للمكاره بالعزاء مقطّعاً فلعلَّ يوماً لا ترى ما تكرهُ

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار