السياسةُ الأمريكيةُ “حلبةٌ وفرجةٌ”!

هل باتت المستجدّات والمؤثّرات الدخيلة على بنية النظام العالمي هي المحرّك الرئيس لمفاجآت اللحظة الأخيرة؟ وهل بات لزاماً على الدولة الأمريكية «العميقة» السعي حثيثاً لاستغلال كلّ ما أمكن من روافد لدعم خططها وأهدافها التي تبقي حلمها في السيطرة والهيمنة على العالم حياً؟
إن الصورة المؤطّرة على نحوٍ تام للخريطة السياسية العالمية وتفرّعات أولوياتها وتنافس أقويائها، وظهور دول فاعلة، باقتصاد قوي جديد شحن الساحة الدولية، لابدّ أنّه أربك العقل المدبّر للإدارة الأمريكية التي بغطرستها و«بلطجتها» حطّمت السلطة الأخلاقية والسياسية، وأفرزت حالة فشل مكلفةً أمريكياً ووضعاً مأزوماً داخلياً أيضاً من جرّاء تراكمات نسبيّة لأخطاء لم تكن في حسبان الشيطان الأمريكي الأكبر، القابع ما وراء الستار الأبيض، لذلك، كان الحلّ بالظاهرة ترامب!
إنه استثمارٌ سيكولوجي وشخصنة للسلطة يصير معها ترامب «فرجةً»، والممارسات السياسية في «حلبة» مفتوحة، وكلما كانت الضربات كلّها مباحةً صارت الفرجة أكثر تشويقاً، وكذلك عناوين من قبيل هل تطيح الأزمات الأخيرة التي عصفت بأمريكا (من جائحة كورونا، إلى جريمة قتل المواطن الأمريكي من أصول إفريقية جورج فلويد، إلى سلسلة الانسحابات الأمريكية من الاتفاقات العالمية..) بدونالد ترامب من البيت الأبيض؟ وهذه كلّها ما هي إلا استفسارات واستهجانات أدبية لا أقلّ ولا أكثر.
بينما الفكرة القابعة في فضاء الصورة «الترامبية» تعتمد فداحة كلّ لقطة وحضور بوهيمي لشخصنة رئيس مطلوبة أمريكياً من دون أن تطيح بمسار الشريط الكلّي، واستثمار ما أمكن من «الثيمات» السياسية الآنيّة التي أفرزت نسبة رضا مرتفعة على أداء الإدارة الأمريكية، وما ترامب إلا انعكاسٌ فردي لمجتمعٍ ساهمت الجريمة والقوّة و«البلطجة» في “تفوّق” قدراته عالمياً، أي إنه استثمارٌ للعقل الباطني الأمريكي في «استزلام» شخص يكون قريباً من الشارع الأمريكي، وما جرائم أمريكا منذ قيامها واستمرارها حتى اليوم، ولو بصور جديدة وأكثر بشاعةً، إلا حقيقة إجرامية مرّة “لتفوّق” الولايات المتحدة على نفسها بتدوير الإجرام وتحديثه بما يناسب الساعة في بنية النظام العالمي، وها هم دائماً يصدّرون الانطباع الأول الذي قاموا عليه، أي «قطّاع طرق» يمتهنون الجريمة لتحقيق الهيمنة، وليصيروا تالياً عصابات مسلّحة تمتلك التكنولوجيا المتقدّمة وتقنياتها العالية لصناعة “حقبة أمريكية خالصة”، حتى ولو كانت بسلطة سيادية غير تقليدية بـ«كاركتر ترامبي» تبرز فوضوية حضوره بمميزات شكلية تظهر سوقية تفكيره وطلّته، إن كان على وسائل الإعلام أو على منابر «السوشيال ميديا».
وما اعتراف ترامب الأخير بنيّته السابقة في الشروع باستهداف الرئيس بشار الأسد، الرئيس المنتخب لدولة مستقلة ذات سيادة وعضو أصيل في الأمم المتحدة، إلا إجرام عابر للتشريعات والقوانين، وللأخلاق، وللتاريخ، لكن سورية الدولة الصغيرة بمقدّراتها مقارنةً بالدول الاستعمارية، والكبيرة بمكانتها بقيادة رئيسها الفذّ وصمود شعبها وبسالة جيشها، استطاعت التحوّل إلى قوة إقليمية مؤثّرة وفاعلة في بنية النظام العالمي الجديد.
فهنيئاً للوطن على قيادته الحكيمة التي ما ساومت، ولا فرّطت، ولا ارتضت الخضوع والارتهان لسياسات الهيمنة والاحتلال، وانتصرت على الإرهاب وداعميه، وقضّت مضجع ساكن البيت الأبيض وحلفائه حدّ التفكير علانيةً في جريمة اغتيالٍ تمثّل عقلهم الإجرامي الذي لا ينضح إلا بالإجرام، ولن تثنيه إلا مقاومة شعب مؤمن بقيادته حتى تحقيق النصر المؤزر.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار