صمود على الصفيح الساخن والواعد جداً

في الوقت الذي تسعى فيه «إسرائيل» لتمرير مشروع قانون تنظيم وضع البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، في محاولة لـ«تشريعها» لتصبح ـ في نظرها ـ مستوطناتٍ «قانونيةً»، حسبما ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية.. قامت بريطانيا باقتراح مشروع قانون يطالب بهدنة جديدة في اليمن، إذ يطلب المشروع المفترض أن يقدم إلى مجلس الأمن الدولي لإقراره، من جميع الأطراف التزام شروط الاتفاق من حيث وقف الأعمال القتالية.
ومن الواضح أن السعودية تبذل قصارى جهدها من أجل تنفيذ هذا المشروع، عبر الضغط الذي تمارسه بريطانيا أيضاً، بمساعدة شركائها في مجلس الأمن، تحت ذريعة «إدخال المساعدات الإنسانية إلى اليمن وإغاثة الشعب اليمني» الذي يتلقى ضربات العدوان السعودي بدمويته المستعرة، وهيجانه في الانتقام الذي حتى الآن لم يجد سبيلاً إلى تحقيق مآربه وأهدافه، بل على العكس تماماً، صارت صيحات الاستغاثة السعودية، تعلو بعد المغطس المريع الذي وجدت السعودية نفسها فيه بحربها المجنونة على اليمن.
وما قرار بريطانيا إلا رغبة من بني سعود الذين أرهقتهم الحرب على اليمن،  وأضاعت بوصلة صوابهم، فاستنجدوا بمؤسسة مملكتهم الوهابية المعادية لسورية منذ الأزل إلى التحرّك سريعاً في مجلس الأمن لعل وعسى.. في الوقت الذي يسعى فيه الكيان الصهيوني إلى «شرعنة» استيطانه المبارك من بني سعود، أولاد عم الكيان، وداعمي مستوطناته بالملايين من الدولارات، من خلال المساعدات المعلنة وغير المعلنة التي يقدمونها له لتستثمر في بناء المزيد من المستوطنات وتمكين «إسرائيل» وقهر الشعب الفلسطيني.
وإذا عدنا بالذاكرة إلى مقالة الكاتب الأمريكي روبرت باري لشبكة «كونسوريتوم نيوز» المعنونة بـ«هل أحكم المال التحالف الإسرائيلي- السعودي» ندرك مدى سعي السعودية ومحاولاتها الحثيثة للعبور إلى الحضن الأمريكي لترتمي فيه مرتاحة البال، عندما أعطت السعودية «إسرائيل» ما لا يقل عن 16 بليون دولار خلال عامين ونصف العام استخدمت في بناء مشروعات المستوطنات في الضفة الغربية حصراً، والآن جاء دور «إسرائيل» لـ«شرعنة» هذه المستوطنات و«قوننتها»، على الرغم من وجود «إسرائيل» غير «المشرعن» أصلاً، والذي تقوم السعودية بـ«شرعنته»، والاتفاق معه، ووضع يدها في يده، للتعاضد والتكاتف ضد سورية والمنطقة عموماً، عبر مشروع رهنت نفسها لتحقيقه، يدخل في صميم مشروع الهيمنة والتقسيم الصهيو-أمريكي-الغربي-العربي المعدّ لسورية والمنطقة.
وعلى الرغم من متاجرة السعودية بالقضية الفلسطينية، لكنها تعرف تماماً، إلى أين يؤدي بها السير في هذا التوجّه، والهدف الأساس والخطير الذي يترجمه المال السعودي الذاهب باتجاه بناء المستوطنات، ومحاولة «هدم» سورية بأيدي مرتزقة المشروع التكفيري الوهابي المنخرطة فيه السعودية قلباً وقالباً.
مع ملاحظة خطوط البيان، ارتفاعاً مع ما يجري في المنطقة وسورية، يبرز أمر مفاده محاولة السعودية في العمق الوقوف في مدخلات ستتضح أبعادها لاحقاً، وتالياً محاولة إيقاف المدّ اليمني الذي ردّ على العدوان السعودي بكل قوته وإيمانه بالنصر، لتتفرغ السعودية إلى دورها العدواني على الساحة السورية، وبخاصة فترة الانتخابات الأمريكية التي تحمل في طياتها رمالاً متحركة، ريثما تنتهي هذه الانتخابات، ويعود الاستقرار الاستراتيجي إلى السياسة الأمريكية تجاه العالم، تلك السياسة العدوانية الداعمة والراعية للإرهاب وتنظيماته تحت مسميات تضليلية، والتي أخضعت منظمات حقوق الإنسان في العالم إلى ما تريد وتهدف وتشاء، وبخاصة المتاجرة بالشأن الإنساني في سورية، كما في اليمن، في وقت أحوج ما تكون فيه أمريكا وكذلك أداتها السعودية, إلى التركيز على المشروع الاستعماري الأكبر في سورية الذي لن تنالا منه إلا الخيبة والخذلان على صفيح صمود سورية وحلفائها الساخن جداً والواعد بالنصر جداً.

Raghdamardinie@yahoo.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار