فاضت العالمية بجداول حب تنبع من منهل واحد تقص سيرة الأميرة التي تزوجت من شاب فقير، وحتى أفلامنا العربية ضمت الكثير من سيناريوهات حب لبنت العز والذوات والفلاح الفقير
هذا في الحكايات وأفلام الأبيض والأسود إلا أنه وفي الحقيقة غالباً ما تأتي الحوارات على عكس الافتراض الدرامي تماماً، وما قصة الشاعر القروي رشيد سليم الخوري أشهر شعراء المهجر إلا خير مثال لزعمنا.
حيث إنه اشتغل في البرازيل بائعاً متجولاً يحمل صندوق سلع على ظهره تكفيه عوز أيام الغربة وحاجتها، وشاعرنا أعجبت به فتاة حسناء ثرية دعته في منزلها على العشاء.. عشاء يحضره الوالد الثري الذي لابد سيسأل عن مهنة ضيفه والمعجب الافتراضي بابنته حيث أجاب القروي بأنه : ( ينظم الشعر ويعزف على العود)
فما كان من المضيف إلا أن استهجن مهنة شاعرنا وسأله: يبدو أنك لم تقرأ أسطورة الصرصور والنملة؟
إلا أن القروي لقلة حيلته المادية ونباهته الحاضرة أجاب: ( بلى.. ومع هذا فضلت الصرصور على النملة لأن الصرصور يغني ويطير بينما النملة تزحف على الأرض زحفاً)
سرد هذه القصة من حياة شاعرنا القومي لم تكن بغرض حوار رومانسي درامي انتهى ببطاقة اعتذار وحوالة مصرفية بمبلغ كبير ثمن ديوانه، سردها الخوري مع ديوانه الأعاصير, وإنما هي محاكاة بين من يدعون اليوم الشعر وشعراء الماضي، الشاعر القروي شاعر النهضة العربية ببلاغة أشعاره وإرثه الأدبي الحافل دائم التواضع الذي ما اقتصر على حادثة والد الفتاة الثرية بل في اعترافه رغم مطالعاته وتعليمه المتوسط الذي أهله ليكون مدرساً( بأنه ليس من العلم من شيء ) نظراً لانشغاله بتحصيل لقمة العيش ومع ذلك ترجم عن البرتغالية ونقل عن الانكليزية..
بينما من يدعون امتهان الشعر اليوم ترى جدرانهم الافتراضية وسيرهم الذاتية تفيض بالألقاب الذاتية (الشاعر والأديب والكاتب والفيلسوف..) و(يااااارب تعين).. لتقبل ما أمكن تحمله من منتج هزلي ينظمه نرجسيو الساحة الشعرية