تحت طائلة المسؤولية!
ما زال الكثيرون يعبّرون عن حالات الفرح والحزن بطريقة مشوهة، إذ لا يجدون طريقة لإظهار السعادة أو الحزن الشديد إلا بإطلاق الرصاص والمفرقعات والألعاب النارية الخطرة والتي في كثير من الأحيان تؤدي إلى حوادث حزينة ومفجعة.
ففي كل عام مع صدور نتائج الامتحانات للشهادتين الإعدادية والثانوية يعلو أزيز الرصاص فوق كل الأصوات، للتعبير عن سعادة الأهل بنجاح أبنائهم وفرحهم بالعلامات التي حصلوا عليها، كذلك هناك البعض في الأعراس لا يرون أنهم وصلوا إلى ذروة الفرح والسعادة إلا بإطلاق الأعيرة النارية، وكأنهم يريدون من خلال ذلك إخبار الناس والمحيطين بأنهم في قمة السعادة، ومع قدوم كل عام جديد وفي ليلة رأس السنة تنطلق كميات هائلة من الألعاب النارية والمفرقعات والرصاص وتتحوّل السماء إلى ما يشبه الجبهة المفتوحة، كما ذهب البعض الآخر إلى أبعد من ذلك بإطلاق الرصاص بمناسبة قدوم مولود جديد.
في حين لا يرى آخرون سبيلاً لإظهار حالة الحزن والفاجعة التي ألمت بهم بوفاة أو استشهاد عزيز عليهم إلا بإطلاق الرصاص، وهنا يحق لنا أن نتساءل من أين أتت هذه العادة وكيف دخلت إلى سلوكيات البعض، وما الطاقة التعبيرية التي يتحملها إطلاق الرصاص في حالات الحزن والفرح…؟
ورغم إدراك الجميع مواطنين وجهات رسمية بمدى خطأ هذه التصرفات ومخاطرها إلا أنه لا أحد يتعظ ويأخذ العبر مما يحدث، فكم من الرصاص الطائش الذي يطلق في الأعراس وتشييع الشهداء ومراسم الدفن كان سبباً بوقوع الكثير من المآسي، حيث فقد الكثيرون حياتهم وتعرض آخرون للإصابة بجروح أو عجز وتشويه إضافة للخسائر المادية في الممتلكات.
كما لا بد من التنويه هنا إلى التكاليف والخسائر المادية الكبيرة جراء شراء تلك المواد والتي تذهب سدى دون أدنى فائدة لمجرد إرضاء غرور من يطلقها، وهي أرقام كبيرة ولا يستهان بها وتذهب إلى جيوب المهربين وكبار حيتان التجار الذين يتعاملون بها، في حين كان بالإمكان استثمار وتوظيف تلك الأموال في خدمة المجتمع في مواقع وحالات أخرى وبمشاريع تنموية، فالأرقام التي صرفت خلال السنوات السابقة على إطلاق النار في جميع المناسبات تعد خسارة كبيرة للاقتصاد وللمواطن نفسه.
والغريب بأن الجهات المعنية تكتفي بلعب دور المتفرج فقط ولا تتخذ الإجراءات الصارمة للحد من انتشار هذه الظواهر المتخلفة، متجاهلين تعاميم وزارة الداخلية في الإعلام والتحذير من إطلاق الرصاص والأعيرة النارية “وتحت طائلة المسؤولية”…!!!.