تطبيقات الحماية الترددية ..!
على ما يبدو فإن مصطلح الحماية الترددية بات ينسحب على الكثير من شؤون وشجون حياتنا الخدمية والمعيشية، وهو يأتي تحت مظلة التقنين لعدم المقدرة على تدبر الإمكانات وإيجاد الحلول الناجعة.
إن صاحب براءة الاختراع لهذا الاكتشاف هي جهات الكهرباء التي وضعته للحدّ من تخطي الاستهلاك عتبة معينة، من دون أن تراعي مدى انعكاساته السلبية على حياة البشر، إذ إن الكهرباء بسببه تصل وتفصل بشكل لحظي لا يحتمل.
وفي السياق نفسه أتقنت جهات الاتصالات فن تطبيق ما يشبه الحماية الترددية على خدمة الإنترنت التي تأتي وتفصل بشكل متتالٍ لا يمكن حتى من تحميل صورة ثابتة أحياناً، وكذلك من خلال إقرار حزمة محددة من باقات الإنترنت على اشتراك المواطنين لتفصل الخدمة نهائياً أو تصبح بالحضيض عند حدٍّ معين، ولم يغب عن جهات التجارة الداخلية أيضاً تطبيقها على المواد التموينية المدعومة من سكر ورز وزيت وشاي، فتارة يتم الاستلام لبعضها وتارات تفصل العملية لمعظمها.
وجهات النفط لا تتوانى عن توظيف ما يوازي هذا الإنجاز على عملية تزود المواطن بالمحروقات، حيث تسلمه على سبيل المثال أسطوانة الغاز اليوم ثم تفصل الخدمة لشهرين أو ثلاثة تاركةً الأسر الفقيرة فريسة شرائها من السوق السوداء بأكثر من ثلاثة أضعاف ثمنها، والحال تقاس على مادة المازوت فكثيرون استلموا الدفعة الأولى في الشتاء الفائت ثم غابت الخدمة ولم يستلموا الدفعة الثانية إلى اليوم.
الأكثر إيلاماً تطبيق جهات المالية مثل هذا الاختراع على الرواتب حيث أحكمت سقفاً محدداً لها لا يمكن تجاوزه، حتى بات الراتب ضمن الظروف المعيشية القاسية حالياً أسوأ من الكهرباء والغاز والإنترنت، إذ يصل الجيب لأيام لا تتخطى أصابع اليد الواحدة ثم يغادر لبقية الشهر تاركاً صاحبه يقارع متطلبات العيش التي تبدأ ولا تنتهي وتتفاقم مع مواسم الأعياد والمونة والمدارس وغيرها.
الكل يتساءل: هل تبقى حياتنا محكومة بمثل هذه الحماية الترددية بدافع التقنين، أم سنلحظ استراتيجيات تزيد الموارد وتصوب إدارتها بعيداً عن التخبط والعشوائية بشكل ينعكس إيجاباً على تغطية متطلبات حياة المواطنين الأساسية بالمستوى اللائق؟ علماً أن ما حدث من انتظام للكهرباء خلال عطلة العيد أشعر الناس وكأن الأمر كله مدبر لا خارج عن الإرادة.!!