النتيجة واحدة
حين سحب مربون أبقارهم للحرق بعدما ماتت عقب الإصابة بمرض الجدري اختلطت علامات الحزن العميق مع تقاسيم الفقر في وجوههم المتعبة!
حتى هذه اللحظة غير معروف تماماً ما الذي يحصل، ومن أين تأتي الإصابة بالجدري والتي تسببت بنفوق مئات الأبقار التي تشكل خسارة أي منها ضربة قاصمة لمربيها، إذ إنها مصدر العيش شبه الوحيد للأغلبية، وتعويضها أصبح بالنسبة للكثيرين منهم أيضاً شبه محال، بعدما تجاوز سعر البقرة الواحدة المليوني ليرة!
أحد الشبان الذين أنهوا مهمة القتال على الجبهات، وجد ضالته بشراء بقرتين من التعويض الذي حصل عليه بعد خدمة دامت ثماني سنوات في صفوف الجيش، لكن حظ هذا الشاب العاثر لم يتوقف عند لجوئه لهذا الخيار مرغماً، بل كانت فاجعته عندما أخذ مرض الجدري بقرتيه قبل مضي عام على شرائهما!
الأحاديث والأقاويل كثيرة عن أسباب ما يجري، ففي حين يتم تداول معلومات عن أطباء بيطريين تشير إلى أن المشكلة تكمن في طريقة إعطاء لقاح مخصص للأغنام، لكنه يعطى للأبقار، والمشكلة الثانية أنه لا يتم تبديل الإبرة التي يتم الحقن فيها لعدم تأمين بديل عنها الأمر الذي ساهم في انتشار المرض، وترافق بمقولة ” اللقاح هو السبب”، وأنه لتوفير رأس إبرة بمبلغ لا يتجاوز ثلاثمئة ليرة حصلت هذه الخسائر الكبيرة! استمر صمت المعنيين ولم يؤكد أي منهم هذا الأمر أو يفصّل في الأسباب البديلة عن هذا الطرح، ليستمر مشهد تخلص المربين من أبقارهم النافقة حلقة من بين مصائبهم الكبيرة التي جاءت على أبناء أكثرهم قبل أن تصل إلى أرزاقهم.
هكذا يحل الخراب يوماً بعد يوم في الإنتاج وحياة المنتجين سواء للمداجن أو المباقر، أو الإنتاج الزراعي، وحتى الصناعي، وكأنها حرب خفية ضد كل ما تجود به هذه البلاد عبر التاريخ، لتكون الخلاصة أنه عندما تكون الوقائع عبارة عن نكبات متلاحقة لكل أنواع الإنتاج تتساوى الأسباب فيما إذا كانت ناتجة عن الإهمال واللامبالاة والبلادة أم بسبب القصد والعمد!