“شارع شيكاغو” وجماليات الحياة
لم يكن غريباً أن يحمل المسلسل الجديد للمخرج السينمائي محمد عبد العزيز الذي توجّه للعمل التلفزيوني من خلال مسلسل “ترجمان الأشواق”، اسم مكان في دمشق لإحياء فترة من تاريخها انطلاقاً من ذلك الشارع الذي ربما مرّ به بعض الذين يشاهدون المسلسل على قناة “أو.أس.أن. يا هلا”؛ لكن لم يتأملوا الشارع جيداً، أو لم ينتبهوا له، والأغلب الأعم منهم لا يعرف شيئاً عنه.
أقول ليس غريباً لأن المخرج عبد العزيز انصبّ اهتمامه على المكان جلياً في عمله السابق، إذ احتفى بدمشق احتفاء عاشقٍ مولهٍ بها وبمعالمها المكانية، بلغةٍ بصرية، وبلغةِ حوار الشخصيات، وبشوارع دمشق، وناسها وأسواقها، والحياة التي تضررت فيها من الحرب.
سيلاحظ مُشَاهِد “شارع شيكاغو”، إنّ المسلسل يقرأ في تحولات المجتمع الدمشقي انطلاقاً من هذا الشارع ليسلط الضوء على سطوة الفكر “الديني المتعصب”، المتمثل برجل دينٍ ما، ومن يشبهه من المتعصبين، وليس المقصود الفكر الديني ولا رجال الدين بالمطلق، وسيمضي المسلسل بين أحداث الماضي التي تكشفها شخصيات وأحداث الحاضر، بسردٍ بصري لخيوطه الدرامية التي تُعنى بما هو دنيوي، وحيوي، في تلك الفترة التاريخية، ليعرّي تواطؤ سلطات ذلك الزمان بأنواعها على ذلك الشارع، الذي قد يتبدى لنا مع حلقاتٍ إضافية أنه سورية بلكاملها.
والمسلسل في اعتقادنا خطوة ثانية في مشوار المخرج محمد عبد العزيز في تقديم شواغله على المكان، الذي قد نختلف مع رؤيته قليلاً أو كثيراً، أو نعجب إلى هذا الحد أو ذاك، بما سيقدمه من خلال “شارع شيكاغو”، بغض النظر عما قد يرد من أخطاء، سواء فكرية، أو فنية، لكن ما يهمنا أن نرى أحداثاُ حقيقية، وبعين المخيال الفني للمخرج لا “خزعبلات” و ثرثرات وبطولات ورقية قتلت من جنود الاحتلال الفرنسي أكثر من عدد جنود الجيش الفرنسي حتى يومنا هذا، في أعمال درامية وسمت بدراما “البيئة الشامية”، كان مُعظمها دون قيمة فكرية أو فنية..
سنتابع بعين المحب وعين المتأمل، فلعل المسلسل يقولُ لنا؛ كيف استطاعت يد الظلام أن تتوغل في قدرتها على نشر القبح ضد الجمال، والذي كشفه يُعدّ من مهام أي عمل فني بكامل فريقه. أمّا مسألة علاقة المسلسل برواية الروائي العراقي شاكر الأنباري (الراقصة)؛ فسيتبين ذلك حين انتهاء عرضه لقارئي الرواية.