يا إلهي..هل علينا أن نعيشَ مرة ثانية وثالثة وأبدية مصائبَنا وأحزاننا وكل ما مررنا به من لحظات حماقة بشرية ولحظات فرح استثنائي؟ هل يكون “الزمن الماضي والحاضر والمستقبل مجرّد وهمٍ عنيدٍ مستمرّ” على ما يقول آينشتاين؟
هل علينا مثلاً أن نتحمّل أخطاءَ المعنيين والقائمين على شؤون حياتنا إلى ما لانهاية ونصبح مثل “سيزيف” الأسطورة نرفعُ أحمالنا إلى ذروة الأمل ثم تصعقنا التكرارات المُضنية لعبثية حياةٍ معيشيةٍ تُعيدنا إلى الصفر ضربةً وراءَ ضربة وفقداناً وراء فقدان؟
أو تخيلوا أن عليكم أن تتحملوا ذات الأشخاص السمجين في حياتكم الحالية واللاحقة وإلى أبد الآبدين؟ تخيلوا أن عليكم أن تكرروا إلى ما لا نهاية الوقوع في الأخطاء نفسها التي في لحظة ندمٍ متأخرة قلتم في سرّكم إنكم على استعداد لأن تدفعوا نصف حياتكم مقابل ألا تكونوا قد فعلتموها؟
كأننا مجبولون من المعاناة، ويجري الحزنُ في عروقنا. نصحو على ألم كوابيسنا، وندحرجُ صخرة همومنا المعيشية أمامنا حتى آخر ليرةٍ استدناها من آخر صديقٍ في آخر الكوكب إذ لم يعد هناك مَن هو بقادرٍ على العيش من دون مصيدة الديون القاتلة… وفي آخر النهار علينا أن نستجمع كل ما بقي في قعر أرواحنا من همّة وكِسرات فرح لنصنع منها ابتسامة نقابل بها أهلنا أو أحبائنا أو زوجاتنا وأولادنا.
ومع اشتداد واتساع الكورونا وقلة الحيلة وانمساخ الرواتب وغياب الأحبة والأصدقاء نصرخُ: أما من ضوءٍ في آخر النفق؟ أما من خبرٍ يبلّل يباسَ أرواحنا ويمسّد ضجر عقولنا ويكشط حراشف التعب عن أجسادنا؟
أمْ علينا أن نصدّق وهم الحكايات الخيالية الذي صدّقته صديقتي الرسّامة فصارت تصنع أزهاراً بِـ”بتلاتٍ” كبيرة الحجم تضعها أمام عينيها لتحجب عن روحها بشاعة الواقع مقتنعةً أنها امرأةٌ أخرى من زمانٍ غير زماننا وأنها: “هكذا تريد أن ترى العالم… جميلاً مثل فقاعتها الزهرية”؟