يا عيب الشوم!

كنا مستمتِعَيْن في غمرة مشاهدتنا لمسلسل “الكواسر” الذي يُعاد عرضه حالياً، حين قلتُ له: يا إلهي ما أجملَ نُطق الممثلين للغة العربية، وما أجملَ هذه الحوارات المشغولة بصدق وإخلاص. فنظر إليّ باندهاشٍ كما لو أنّي ارتكبتُ ذنباً، وقال بعد ضحكةٍ مجلجلة: أقسم إنني من شدة إتقانهم وشدة اندماجي بالمَشاهِد لم أنتبه إلى أنهم يتحدثون اللغة العربية الفصحى!.
إنه فعلاً ذاك الخيط الرفيع بين أن تجعلنا ننجذبُ إلى لغتك الحوارية ولغتك البصرية أو أن تجعلنا “نكفر” بكَ وبمن علّمك العربية، وبمن أفسح لك المجال لتكتب بها السفاسف سواء في الدراما أو على صفحات التواصل الاجتماعي.
قد يبدو للحظة أن الأمرَ عاديٌّ وأنها مجرّد كلمات للتسلية هائمة في هذا الغبش الأزرق للفيسبوك؛ لكن هذه السفاسف أصبحتْ عادة مخيفة تكاد تطيح ليس فقط بجماليات اللغة العربية بل حتى بأبسط قواعدها الإملائية، وبالتالي بمكوّن من مكونات شخصيتنا؛ فاللغة على ما تقول الحكمة “هي وعاءُ الكينونة”.
أمّا أكثرهم إزعاجاً لي شخصياً؛ فهو ذاك أو تلك التي تكتب مثلاً: “هل الغنية حلوة” أو “هل الممثل فلّاج” بدلاً من كتابتها بشكلٍ صحيحٍ لا يكلّفهم تعباً ولا مالاً ولا فضيحةً ولا مَنْ يشتمون.
هذه عيّنة بسيطة قد تكون مضحكة لكنَّ المصائب الإملائية والنحوية؛ أصبحت هي السائدة من دمجٍ للعربي بالإنكليزي، ومسْخِ الإنكليزي وإبداله بأرقام ورموز، ثم الموضة الحديثة التي درجت مؤخراً باستخدام ما يتيحه الفيسبوك و”الواتساب” من “إيموجي” ورموز لترتيبها جوارَ بعضها وتشكيل جُملٍ ألغازٍ أو جُملٍ يَعدُّها أصحابها أنها “النهفات الخارقة” أو نُكتُ الموسم وقنابله المضيئة.
لست أدعو بالطبع إلى لغة عربية “خشبية” فتصّور يا عزيزي “المتفَسبِك” أن تقول: اللهم إنّي أسألك امرأةً عيطموساً، بَهْنانةً! أو أنْ تدعين ربّك في جوف الليل يا عزيزتي “المتفَسبِكة” فتقولي: يا ربّ اعطني زوجاً سِنخفاً، رخّاخاً.
لكن ترفّقوا “بهل القلب وهل العقل وهل اللغة”… العمى. لحظة. لحظة. ما عدنا نعرف كيف نكتب. “عجبكن هيك يا عيب الشوم”؟!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار