المواطنُ هو كلمةُ السرِّ

يُقال إنّ الأزمات هي الرحم الأولى لخلق الفرص، فكيف إنْ اشتدَّت الأزمة، واستعرت وصارت حرباً شعواء امتدّت عقداً من الزمن؟ وكيف يمكن استثمار هذا النصر المصحوب بانتكاسات وجدانيّة واجتماعيّة واقتصاديّة؟

وعلى عاتق مَنْ تقع مسؤوليةُ استثمار نصرٍ كهذا؟

عشر سنوات، وسورية شعباً ووطناً ومؤسسات، تعاني طيفاً واسعاً من تداعيات حربٍ إجرامية ظالمة، وانتهاكات لا شرعية للقانون الدولي بحقّ دولة ذات سيادة رفضت أن تكون دولةً «دميةً», وبحق شعبها الحرّ الذي أبى التبعية والارتهان للأجندات الصهيو-أمريكية، لكن النصر المؤزر كان حليف أصحاب الحق، سورية وحلفائها، بامتياز،إنما لهذا النصر حلقات، وما حقّقناه في الميدان يجب تحقيقه في جميع الميادين وترسيخ الأعمدة والركائز لبناء سورية ما بعد الانتصار، على نحو يليق بكفاحها الشرس ضد الإرهاب وداعميه، ويليق بصمود شعبها ودم شهدائها، ولما كان الصمود الشعبي وجهاً من أوجه التصدّي ومقاومة الحرب العسكرية والاقتصادية على سورية فيجب أن يكون الحراك الانتخابي كذلك لأعضاء مجلس الشعب مقدمةً لتطوير المرتكزات المؤسساتية التي يشكّل فيها المواطن اللبنةَ الأساس في مرحلة البناء والإعمار من خلال ممارسة ديمقراطية حقيقية على أساسها يُبنى البلد، وتُدار المؤسسات، لذلك، صار الوعي الانتخابي ضرورةً ملحةً أكثر من كونه ترفاً ثقافياً برلمانياً، وضرورته تكمن في دوره المؤثر في التصحيح والتقويم والتغيير المنشود في مرحلة ما بعد الانتصار التي كلمة السرّ فيها أولاً هي المواطن والرأي العام الشعبي الذي يجب أن يفرز في المرحلة الانتخابية البرلمانية لأعضاء مجلس الشعب ما بين الصالح منهم والطالح واختيار الشخصيات الفاعلة القادرة على تحريك الساكن من مشاريع وخطط وأهداف بنّاءة.

ويجب أن تكون فكرة الاستئناس الحزبي لاختيار مرشحي الحزب ولفظ من استعانوا بالمال الانتخابي من قائمة الترشيح، هي المحرض الأساس لتفعيل المسؤولية الوطنية لدى كل ناخب، وإبعاد كلّ من مارس مسلكيات خاطئة أو تبنّى برنامجاً وهمياً لا يخدم الوطن واختيار من انحاز للولاء للوطن والانتماء للشعب والنهوض بالدولة في مرحلة إعادة الإعمار التي سيكون فيها المواطن هو المسؤولُ الأول بقدرته على التحلّي بالصبر وتفضيل المصلحة العامة الوطنية وعدم الاستسلام والاستكانة لـ”اللامبالاة” وإطلاق الأحكام السلبية المسبقة والناجمة عن تحمّل أخطاء مستغلّي المناصب الفاسدين أو تقصير بعض المسؤولين، وكذلك عدم تحقيق مرشحين سابقين برامجهم الانتخابية وخططهم من حيث حلّ المشكلات وتقليص العثرات.

ولأن التحزّب الأعلى، السياسي والفكري، لا يكون إلا للوطن دائماً، فعلينا جميعاً خوض الانتخابات وتكريس الحقّ الانتخابي واختيار أعضاء أمناء على الشعب والوطن بمسؤولية عالية ووعي وطنيّ لاستكمال النصر على الإرهاب بممارسة الاستحقاق الشعبي الذي ستُولد من رحمه الفرص والإنجازات الأعمّ والأشمل التي تنضوي تحتها الكلمةُ الفصل والعنوان الرئيس لمرحلة ما بعد الانتصار للغد الأجمل الذي سيأتي لا محالة بإرادة شعب انتصر في الميدان، ومازال يمارس سلوكيات الانتصار الذي يسعى لتحقيقه في كلّ زمان ومكان.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار