كذبةٌ تصفويّة

تقتضي “رؤيةُ” ترامب “للسلامِ” ضمّ الكيان الصهيوني أجزاءً من الضفة الغربية والأغوار التي تمثّل قاع العالم، والمنطقةَ الأكثر انخفاضاً عن سطح البحر، ما جعلها خزاناً غذائياً متكاملاً، ولو رأت “خطّة الضمّ” النور سيُحرم الفلسطينيون من السلّة الغذائية الأهم التي يمتلكونها، وتالياً إلغاء الوجود الفلسطيني فيها وتهويدها، حسب الحدقة “الإنسانية” الأمريكية التي تعدّ جزءاً من خطّةٍ أوسع، أعلنها ترامب بـ«صفقة قرن» بينما نكبتنا في فلسطين عاصرت قرنين من القهر.
إنّ فشل “خطة الضمّ” -ألغيت أم أجّلت- هو فشلٌ آنيٌّ، حسب العقل الصهيوني، لأن قرار “الضمّ” محسومٌ داخل الكيان الصهيوني، والجدل قائمٌ بشأن توقيته وحجمه وشمولية مناطقه، وقضم «النتن ياهو» للأغوار هو وعدٌ انتخابي، ووعدُ المحتلِّ دينٌ يرتبط تحقيقه بنتائج استخباراتية أمريكية تعلن ساعة البدء واستكمال خطة “تصفية” القضية الفلسطينية، وتشكيل دويلة فلسطينية بحدود غير متصلة، ووجود استيطاني وعسكري إسرائيلي ما بين أوصالها غير المتصلة، ليتمّ “السلام” المرسوم بذهنية أمريكية، انتقلت من مرحلة التبنّي للكيان الصهيوني اللقيط، لتبدأ بعدها مرحلة الشراكة على حساب الشعب الفلسطيني صاحب الحقّ والأرض، ولمصلحة التهويد بلا حدود للوصول إلى ما يسمى «يهودية إسرائيل»، وكذلك التطبيع المخزي لبعض الأنظمة العربية التي لم تتبنَّ أيّ حراك سياسيّ إيجابيّ، واتخذت نهجاً إعلامياً -فقط- موحّداً لم ينتقل من مربّع الاستنكار، ولم يتجرّأ على التنديد!
«إسرائيل» متمثّلةً بـ«النتن ياهو» الذي مازال يلحّ على الأمريكيين استعجال إعلان “ضمّ” الأغوار في نيّة صريحة على تحقيق مطامع الكيان الصهيوني في الاستيطان المفتوح، وتوسيع رقعة الاحتلال وتهجير الفلسطينيين مستغلاً كلّ ما استطاع إليه سبيلاً، لذلك كان الاستغلال الأكبر للوقت المتبقّي للانتخابات الأمريكية وللوجود الأمريكي في المنطقة، واستغلال العديد من العوامل الدولية أيضاً، لكنّ «النتن ياهو» أُصيب بالخذلان بعد تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن إعلان “الضم”، لما له من تداعيات محليّة في قلب الشارع الفلسطيني الشعبي، وإشعال فتيل انتفاضة يمكن أن تتحوّل إلى تصعيدٍ مسلحٍ وتداعياتٍ إقليمية ستجعل الساحةَ الفلسطينية ساحَةَ مواجهةٍ حقيقية.
أيّ إنّ خطة “الضمّ” التي هي انتهاكٌ يضاف للانتهاكات الصهيو-أمريكية للقانون الدولي، وبمنزلة خطيئة كبرى تهدّد أسس العلاقات الدولية، وتشمل جميع الفاعلين على الساحة الدولية، وتؤثر في بنية النظام العالمي، ليست محصورةً بصراعٍ أمنيٍّ أو سياديٍّ، ولا حتى بصراع مائيّ أو ديموغرافي، بل هي صراعُ وجودٍ لابدّ من الاستبسال في رفضها، لأنه إذا ما تمَّ تهويد القدس وإزاحتها، مع طيّ ملف اللاجئين الفلسطينيين والمستعمرات الاستيطانية؛ فما الذي تبقّى للتفاوض بشأنه؟ وماذا تبقّى من القضية الفلسطينية بعد سحبها من التدويل من جراء سياسة صهيو-أمريكية أفرزت كذبةً تصفويّة غير قابلةٍ للتحقيق مادامت فلسطين تنبض من قلب الخريطة العربية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
في ذكرى تأسيس وزارة الثقافة الـ 66.. انطلاق أيام الثقافة السورية "الثقافة رسالة حياة" على سيرة إعفاء مدير عام الكابلات... حكايا فساد مريرة في قطاع «خصوصي» لا عام ولا خاص تعزيز ثقافة الشكوى وإلغاء عقوبة السجن ورفع الغرامات المالية.. أبرز مداخلات الجلسة الثانية من جلسات الحوار حول تعديل قانون حماية المستهلك في حماة شكلت لجنة لاقتراح إطار تمويلي مناسب... ورشة تمويل المشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة تصدر توصياتها السفير آلا: سورية تؤكد دعمها للعراق الشقيق ورفضها مزاعم كيان الاحتلال الإسرائيلي لشنّ عدوان عليه سورية تؤكد أن النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الجميع مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا