ربما كانت بحصة الدعم “بنجمه اللامع” تسند جرة معيشة المواطن في “غابر” الأيام الخيرة، لكن اليوم في ظل “كسرة” جيبه أصبح الحديث عن هذا الدعم مشفوط الدسم أشبه بـ”نكتة” وخاصة بعد مسارعة بعض المسؤولين إلى الدخول في بازار رفع أسعار السلع المدعومة، ضاربين عرض الحائط بمفهوم عون الدولة الاجتماعي والتدخل الإيجابي في أشد الأوقات حرجاً.
اللحاق بركب التجار عبر رفع أسعار السكر والرز مع وجود وعود مسبقة بعدم اتخاذ هذه الخطوة قبل نهاية العام، ثم الاضطرار إلى امتصاص الصدمة بتخفيض محدد، سيناريو مألوف لكنه غير موفق حتماً في ظل الوضع المعيشي المتأزم، والذي تزيد وطأته عجز وزارة التجارة الداخلية وتخليها بشهادة حال الأسواق وتجبّر التجار، عن حماية المستهلك، الذي كان ينتظر من إدارتها الجديدة وقف لجم الغلاء وليس اجتماعات متكررة وإطلاق مبادرات معروفة النتائج مسبقاً، فهل بات أداء هذه الوزارة محصوراً بهذه النقطة تحديداً، وهل يعتقد مسؤولوها أن زيادة أسعار هاتين المادتين مع كل التعتير بالحصول عليها يعتبر دعماً لمواطنٍ أصبحت معيشته تستلزم 500 ألف لا يمتلك منها الربع، ولماذا تصر وزارة التجارة الداخلية ومن خلفها “السورية للتجارة” على تقزيم دورها والتنصل من تدخلها الإيجابي بينما يمكنها استثمار الفرصة واستعادة مكانتها المسلوبة بكل بساطة في ظل الإمكانيات والصلاحيات الممنوحة.
“عقلنة” الدعم مع أن معالجة عشوائيته باتت ضرورة ملحة، في ظل جنون أسعار السلع وجنوح معظم السوريين نحو خط الفقر ليس قراراً صائباً، فمن المفروض في ظل هذه الأوضاع العصيبة مدّ المواطن بكل مستلزمات الثبات والبقاء بدل الاتكال على جيبه في حل الأزمات المتعاقبة والعمل على إنقاذ معيشته منعاً من تضخيم المشاكل الاجتماعية بعد لحظ زيادة مستوى الجريمة في المجتمع، وهذا يتطلب دعماً فعلياً وإيصال الدعم المأمول إلى مستحقيه “المضروبين” بحجر كبير بينما لا يصلهم من الجمل أذنه، وهنا نتساءل أين تذهب أموال الدعم الاجتماعي، ولماذا لا يشعر المواطن ببركتها، واقعٌ يستوجب إيجاد آلية جديدة للتوزيع عبر تقديم قيمة الدعم نقدياً من دون أي رفع للأسعار المدعومة، مع اتخاذ خطوة جريئة بزيادة مجزية للأجور ووقف “تنمر” بعض التجار بتقوية شوكة “السورية للتجارة” لتكون رحيمة على المواطن لا أن تكون والتجار عليه، وهذا لا يتطلب معجزة وإنما حسن إدارة ونية في تصويب البوصلة، فإذا لم تكن إدارتها قادرة فتتوجب المساءلة وتعيين إدارة جديدة تضمن تفعيل مؤسسة يعول عليها الكثير في هذا الظرف الاستثنائي والخروج من عباءة بعض تجار يشفطون خيراتها ويسرقون حصة المواطن في المواد المدعومة وغيرها، ولسان حاله يصرخ ..عليكم بالتجار ..ارحمونا فجيوبنا الفارغة لم تعد تحتمل..فإلى متى؟!!.