عقوبات المخلّين بالعملية الانتخابية “2”
نكمل اليوم ما تبقى مما تناولناه أمس بخصوص عقوبات المخلّين بسلامة العملية الانتخابية والتي عرجنا خلالها على مفهوم الجريمة الانتخابية, وأنواع الجرائم الانتخابية, والعقوبات المقررة لكل منها في التشريع السوري، إضافة إلى أركان الجريمة الثلاثة الرئيسة (ركن مادي وركن معنوي وركن قانوني)، وأشرنا إلى أن صور الجرائم الانتخابية تتعدد بتعدد السلوك المخالف المصاحب للعملية الانتخابية، وأنه على الرغم من خلو أغلبية التشريعات الانتخابية من أي تقسيم أو تصنيف لهذه الجرائم, فإن جانباً كبيراً من الفقه يصنف هذه الجرائم على أساس المراحل التي تمر فيها العملية الانتخابية (الحملة الانتخابية, والإدلاء بالأصوات, ثم فرز الأصوات وإعلان نتائج الانتخاب) وتوقفنا عند الأفعال التي عدَّها المشرع السوري من قبيل الجرائم الانتخابية وأن لكل جرم فيها عقوبات مقررة بشأنها في التشريع السوري ، وتحدثنا عن وجود ثلاثة فروع من الجرائم الانتخابية وهي: المتعلقة بتنظيم الحملة الانتخابية، والمخلة بسير العملية الانتخابية، والمخلة بحرية التصويت، وتناولنا نوعاً منها وعقوباته ونقصد هنا الجرائم المتعلقة بتنظيم الحملة الانتخابية، وسنتابع بقية الجرائم وعقوباتها، أي “الفرع الثاني والثالث” كالجرائم المخلة بسير العملية الانتخابية، والمخلة بحرية التصويت.
2- الجرائم المخلة بسير العملية الانتخابية
وتتمثل هذه الجرائم بالأفعال التي ترتكب أثناء القيام بعملية التصويت في المراكز الانتخابية, وتتمثل في الآتي :
أولاً ــ دخول مركز الاقتراع من دون حق :
لا شك في أن مراكز الانتخاب لها مكانةٌ يجب احترامها, وحرمةٌ توجب مجازاة مَن يعتدي عليها, فهي أشبه بقاعات الجلسات في المحاكم, ولحماية مراكز الانتخاب والقائمين عليها من كل اعتداء أدبي أو مادي قرَّرت المادة/111/ من قانون الانتخابات العامة النافذ بأن: « يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، وبالغرامة من مئة ألف ليرة سورية إلى مئتي ألف ليرة سورية، كل من اقتحمَ أو حاول اقتحام مركز الاقتراع بالقوة لمنع الناخبين من اختيار مرشَّح من المرشحين أو أجبرَ ناخباً بالقوة أو بالتهديد بأي وسيلة لتغيير رأيه … الخ».
ثانياً ــ حمل السلاح داخل مركز الاقتراع :
ويبيّن الدكتور حسن مصطفى البحري- أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق بجامعة دمشق لـ “تشرين” أن المشرِّع السوري شدَّد عقوبة كل شخص يقتحم أو يحاول اقتحام مراكز الاقتراع تحت تهديد السلاح, حيث لا يسمح لأي شخص بحمل السلاح ـ ولو كان مرخصاً له بحمله ـ سواءً كان ظاهراً أو غير ظاهر داخل مراكز الاقتراع حتى ولو كان هذا الشخص من بين وكلاء المرشح المعتمدين أو من ضمن أفراد وسائل الإعلام التي تراقب العملية الانتخابية, ويستثنى من هذا الحظر عناصر قوى الأمن الداخلي المكلفين بحماية العملية الانتخابية.
وهذا ما نصت عليه صراحة الفقرة الأخيرة من المادة/111/ من قانون الانتخابات العامة النافذ بقولها: « …وتشدَّد العقوبة إلى حدِّها الأقصى إذا كان يحمل سلاحاً ظاهراً أو مخبَّأً », أي إن عقوبة الفاعل في هذه الحالة تكون الحبس ثلاث سنوات والغرامة مئتي ألف ليرة سورية .
ثالثاً ــ العبث بصندوق الاقتراع :
نظراً لأهمية الصندوق المحتوي على أوراق الاقتراع, وصيانةً له من العبث أو من أية محاولة تستهدف إفساد نتائج الانتخاب, فقد نصت المادة /112/ من قانون الانتخابات العامة على أن :« أــ يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات, وبالغرامة من خمسين ألف ليرة سورية إلى مئة ألف ليرة سورية كل من يقوم بكسر صندوق الاقتراع قبل فرز أوراق التصويت الموجودة فيه أو تشتيتها أو أخذها أو إتلافها أو القيام بإبدال أوراق التصويت بأخرى أو يقوم بأي محاولة يراد بها تغيير أو محاولة تغيير نتيجة الانتخاب أو انتهاك سرية التصويت. ب ــ تشدد العقوبة إلى حدها الأقصى إذا كان الفاعل من الأشخاص المكلفين بعضوية اللجان الانتخابية أو العاملين المعنيين بها، أو من قوى الأمن الداخلي المكلفين بحراسة صناديق الانتخاب».
رابعاً ــ العبث بأوراق الاقتراع :
حمايةً لأوراق الانتخاب من العبث, قرَّرت المادة /110/ من قانون الانتخابات العامة أن: « يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة، وبالغرامة من خمسة وعشرين ألف ليرة سورية إلى خمسين ألف ليرة سورية، كل عضو من أعضاء لجان مراكز الاقتراع مكلف بتلقي أوراق التصويت أو إحصائها أو فرزها وقام بأخذ أوراق منها بطريقة غير مشروعة أو أضاف إليها أو أفسدها أو قرأ اسماً غير الاسم المقيَّد فيها »، يضيف الدكتور البحري.
كما قررت المادة /114/ من قانون الانتخابات العامة بأن : « يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة، وبالغرامة من خمسين ألف ليرة سورية إلى مئة ألف ليرة سورية، كل من جمع بطاقات شخصية أو أخذ أو أخفى أو أتلف أو أفسد أي ورقة تتعلق بالعملية الانتخابية أو غيَّر من نتيجة العملية الانتخابية بأي وسيلة أخرى, وذلك بقصد تغيير الحقيقة في نتيجة الانتخاب أو بقصد إعادة الانتخاب».
3- الجرائم المخلة بحرية التصويت
يعد التصويت أهم مراحل العملية الانتخابية، فبواسطته يعبر كل ناخب بإرادته الحرة عن موقف معين بشأن انتخاب مرشح محدد أو إبداء رأي يتعلق بموضوع ما. ويكون الإخلال بحرية ونزاهة التصويت بالتأثير على الناخبين (الرشوة الانتخابية) أو بالتصويت غير المشروع:
أولاً ــ التأثير على الناخبين ( الرشوة الانتخابية ) :
ليس ثمة شك في أن العملية الانتخابية قد يشوبها العديد من المخالفات والجرائم. وأهم هذه الجرائم التي تؤثر في إرادة الناخبين جريمة الرشوة الانتخابية. لذلك جرَّمت جُّل التشريعات فعل الرشوة الانتخابية لما فيه من إخلال بمبدأ حرية التصويت، وفقاً للدكتور البحري الذي أشار إلى أن هذه الجريمة تتخذ أشكالاً وصوراً مختلفة ومتعددة، منها على سبيل المثال أن يقوم المرشح أو ممثله أو مندوبه بسداد نصف المبلغ للناخب والنصف الآخر بعد نجاح المرشح.
وليس ضرورياً أن تكون الرشوة نقدية، بل قد تكون عينية, كالحصول على وظيفة أو ترقية أو تسهيل الحصول على خدمات معينة كالحصول على وحدة سكنية.
ولا يمكن حصر أشكال وصور جريمة الرشوة الانتخابية لتعددها وتنوع الأساليب التي قد يلجأ إليها مرتكبوها. لذا يجب على المشرع أن يحدِّد مفهومها لتبيان الأفعال التي تدخل في نطاق هذه الجريمة، وإخراج الأفعال التي يقوم بها المرشح وتعد من قبيل الدعاية الانتخابية المشروعة.
ويمكن القول، والكلام للدكتور البحري: إن الرشوة الانتخابية تتمثل في المال أو الفائدة أو المنفعة أو العطية أو الهبة أو الوعد التي يكون الغرض منها الإخلال بحرية التصويت من حيث التأثير في إرادة الناخب لحثه على التصويت أو الامتناع عن التصويت لصالح مرشَّح معين بما يشكِّل إخلالاً بالعملية الانتخابية, ومن ثم فإن المصلحة المنوطة بالحماية في الرشوة الانتخابية تتمثل في حسن سير العملية الانتخابية وسلامة إرادة الناخبين.
وقد فرض المشرع السوري بموجب المادة /113/ من قانون الانتخابات العامة النافذ عقوبة الحبس من عشرة أيام إلى ثلاثة أشهر، والغرامة من خمسة وعشرين ألف ليرة سورية إلى خمسين ألف ليرة سورية على كل من حصل أو حاول الحصول على صوت ناخب أو حمله على الامتناع من التصويت لقاء مقابل مالي أو بواسطة هدايا أو تبرعات نقدية أو عينية أو وعد بها أو بوظائف عامة أو خاصة أو منافع أخرى قصد بها التأثير في التصويت بشكل مباشرأو غير مباشر.
ثانياً ــ التصويت غير المشروع :
نصَّت المادة /59/ من الدستور السوري الحالي لسنة 2012 على الآتي: « الناخبون هم المواطنون الذين أتموا الثامنة عشرة من عمرهم, وتوافرت فيهم الشروط المنصوص عليها في قانون الانتخاب».
وكما هو واضح من هذا النص, فإن المشرع الدستوري لم يتحدث عن الناخبين في سورية إلا من حيث أنهم هم المواطنون الذين أتموا الثامنة عشرة من عمرهم, أما فيما يتعلق بالشروط الواجب توافرها في هؤلاء الناخبين, فقد أحال إلى قانون الانتخابات العامة مهمة القيام بذلك.
وتنفيذاً لذلك, يقول الدكتور البحري: نصَّت المادة الرابعة من قانون الانتخابات العامة على أن: « يتمتع بحق الانتخاب … كل مواطن أتم الثامنة عشرة من عمره، ما لم يكن محروماً من هذا الحق أو موقوفاً عنه وفقاً لأحكام هذا القانون» .
وقد حددت المادة الخامسة من قانون الانتخابات العامة الفئات المحرومة من ممارسة حق الانتخاب بقولها: « يحرم من حق الانتخاب» :
أ ـ المحجور عليه طوال مدة الحجر.
ب ـ المصاب بمرض عقلي مؤثر في أهليته طوال مدة مرضه .
ج ـ المحكوم عليه بجناية، أو جنحة شائنة، أو مخلة بالثقة العامة، بمقتضى حكم مبرم، ما لم يُرَدّ إليه اعتباره وفقاً للقانون، وتُحَدَّد الجنح الشائنة والمخلة بالثقة العامة بقرار من وزير العدل».
كما حدَّدت المادة السادسة من قانون الانتخابات العامة الحالي ـ قبل تعديلها في شباط سنة 2016 ـ فئات معينة من المواطنين أوقف عنها ممارسة حق الانتخاب, بقولها : « يوقف حق الانتخاب والترشح لعضوية مجلس الشعب أو عضوية مجالس الإدارة المحلية عن عسكريي الجيش وقوى الأمن الداخلي طيلة وجودهم في الخدمة».
ويتضح من هذا النص, أن المشرع السوري أوقـف حق الانتخاب عن عسكري الجيش ورجال الشرطة, و(الوقف) هنا ليس حرماناً من مباشرة هذا الحق, وإنما هو إعفاء مؤقت يسري مفعوله طوال وجود هؤلاء في الخدمة, أما إذا غادر الواحد منهم موقعه الوظيفي سواء بالاستقالة أو بالانتقال إلى وظيفة مدنية أخرى, استرد حقه في أن يكون ناخباً على الفور, ما لم يكن محروماً من هذا الحق لسبب من الأسباب التي ذكرتها المادة الخامسة من قانون الانتخابات العامة المشار إليها آنفا.
وبناء عليه, يشير الدكتور البحري إلى أنه لا يحق لأي مواطن إذا كان من بين الفئات المحرومة أو الموقوف عنه ممارسة حق الانتخاب المشاركة في التصويت في العملية الانتخابية في أي من مراكز الاقتراع المختلفة تحت طائلة العقاب, وهذا ما نصت عليه الفقرة /أ/ من المادة /109/ من قانون الانتخابات العامة النافذ بقولها: « يعاقب بالغرامة من خمسة وعشرين ألفاً إلى خمسين ألف ليرة سورية : أ ـ من اقترع وهو يعلم أنه محروم من حق الانتخاب أو موقوف عنه هذا الحق بمقتضى القوانين النافذة أو بموجب أحكام قضائية مبرمة … ».
ووفقاً للقانون السوري أيضاً, لا يحق للناخب المؤهل أن يشارك في العملية الانتخابية أكثر من مرة, فلا يحق له أن يمارسه حقه في التصويت في أكثر من مركز انتخابي, استناداً إلى أن المبدأ الديمقراطي يقوم في جوهره على مبدأ المساواة الذي يعطي لكل ناخب نصيباً متساوياً في اختيار النواب, ويضمن أيضاً لكل ناخب الحق في أن يكون لصوته الانتخابي الوزن الحسابي نفسه الذي يعطى لصوت غيره من الأشخاص المتمتعين بحق الانتخاب في الدائرة الانتخابية نفسها, ويعبر الفقه الدستوري عن تلك المساواة بالمبدأ القائل « شخصٌ واحدٌ، صوتٌ واحدٌ ـ صوتٌ واحدٌ، قيمةٌ واحدةٌ One Person, One Vote – One Vote, One Value . وهذا ما ورد النص عليه صراحةً في الفقرة /ب/ من المادة الثالثة من قانون الانتخابات العامة, حيث قالت: « يمارس حق الانتخاب … بالاقتراع العام، والسري، والمباشر، والمتساوي، … الخ» .
وحاصل القول, والكلام للدكتور البحري: إن المشرع السوري أخذ بنظام « الاقتراع المتساوي », بحيث يكون لكل من يتمتع بحق الانتخاب ـ أياً كانت صفته ـ صوت واحد فقط؛ فالتصويت فردي وشخصي ولمرة واحدة فقط, وكل من يخلّ بهذا الالتزام تُفرض بحقه عقوبة الغرامة, وهذا ما نصت عليه الفقرة /ب/ من المادة /109/ من قانون الانتخابات العامة النافذ بقولها : « يعاقب بالغرامة من خمسة وعشرين ألفاً إلى خمسين ألف ليرة سورية : أ ـ … ب ـ من اقترع في الانتخاب الواحد أكثر من مرة ».
ثالثاً ــ استخدام القوة أو التهديد لمنع الناخب من مباشرة حقه الانتخابي بحرية :
ألقى المشرع على عاتقه حماية الناخب نفسه, وتهيئة جو حر أمامه خالٍ من كل وجوه الإكراه والتهديد أو التأثير إلى أن تنتهي عملية الانتخاب, ولهذا فقد عني بتقرير عدة جزاءات للعقاب على استعمال القوة أو التهديد لمنع الناخب من ممارسة حقه بحرية, فنصت المادة/111/ من قانون الانتخابات العامة على أن : « يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، وبالغرامة من مئة ألف ليرة سورية إلى مئتي ألف ليرة سورية، كل من اقتحم أو حاول اقتحام مركز الاقتراع بالقوة لمنع الناخبين من اختيار مرشح من المرشحين أو أجبر ناخباً بالقوة أو بالتهديد بأي وسيلة لتغيير رأيه، وتشدَّد العقوبة إلى حدِّها الأقصى إذا كان يحمل سلاحاً ظاهراً أو مخبأ».
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن المشرع السوري قد سوَّى في كل الجرائم السابقة (جرائم الانتخاب) بين الشروع والجريمة التامة, فنص في المادة /117/ من قانون الانتخابات على أن: « يعد الشروع في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون كالجريمة التامة».
وفي الختام, يوضح الدكتور البحري، أنه لا بد من التنويه إلى أن قانون العقوبات السوري النافذ ـ الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 تاريخ 22/6/1949 وتعديلاته ـ قد تحدث في الفصل الثاني (في التعدي على الحقوق والواجبات المدنية) من الباب الثاني (في الجرائم الواقعة على السلامة العامة) عن الجرائم المتعلقة بالانتخاب (المواد: من 319 حتى 324) ( ), وقد كانت قوانين الانتخابات السابقة تنص صراحةً على أن: « تطبق على الجرائم المرتكبة بمناسبة الانتخابات أحكام المواد (319 إلى 324) من قانون العقوبات».
غير أن المشرع السوري اتخذ نهجاً مختلفاً مع صدور قانون الانتخابات العامة لعام 2011, حيث أفرد فصلاً خاصاً للحديث عن جرائم الانتخاب (الفصل التاسع, المواد: 52 إلى 62), وهو النهج ذاته الذي تبناه المشرع في قانون الانتخابات العامة النافذ رقم/5/ لعام 2014, حيث خصَّص الفصل الرابع عشر (المواد: من 108 حتى 117) للحديث عن العقوبات المقررة على الجرائم المتعلقة بالانتخاب
وبعد التدقيق في مضمون المواد (319 إلى 324) من قانون العقوبات, نجد اختلافاً واضحاً بينها وبين ما ورد في الفصل الرابع عشر من قانون الانتخابات العامة النافذ (المواد: من 108 حتى 117) وخاصة فيما يتعلق بالعقوبات المقررة على الجرائم المتعلقة بالانتخاب؛ فعلى سبيل المثال, جريمة الرشوة الانتخابية, عقوبتها بحسب المادة /321/ من قانون العقوبات هي ((الحبس من شهر إلى سنة والغرامة من خمسمئة إلى ألفي ليرة سورية)), بينما حددت المادة /113/ من قانون الانتخابات العامة النافذ العقوبة بـ ((الحبس من عشرة أيام إلى ثلاثة أشهر، والغرامة من خمسة وعشرين ألف ليرة سورية إلى خمسين ألف ليرة سورية)), هذا فضلاً عن أن المادة /321/ من قانون العقوبات فرضت العقوبة ذاتها على كل من الراشي (الذي أثر في اقتراع أحد السوريين بالعطايا أو الوعود) والمرتشي (الناخب الذي قَبِلَ أو التمَسَ مثل هذه العطايا أو الوعود), بينما اقتصرت العقوبة في قانون الانتخابات النافذ على الراشي فقط دون المرتشي.
ولما كانت المادة /128/ من قانون الانتخابات العامة النافذ تنص على أن: « تُلغى جميع النصوص المخالفة لأحكام هذا القانون أو التي لا تتفق مع مضمونه… الخ », وحيث إن التشريع اللاحق (قانون الانتخابات العامة لعام 2014) قد اشتمل على نصوص تتعارض مع ما ورد في التشريع القديم (قانون العقوبات لعام 1949) بحيث يتعذر تطبيق النصين في آن واحد والعمل بهما كليهما, فيعتبر أن النص اللاحق قد ألغى ضمناً النص القديم, ولما كان التشريع اللاحق قد نظَّم من جديد الموضوع (جرائم الانتخاب) الذي سبق أن قرَّر قواعده التشريع القديم, فيعتبر أن التشريع اللاحق قد حلَّ محلّ التشريع القديم وألغاه, وإن لم ينص صراحةً على هذا الإلغاء؛ فإننا نعتقد بأن أحكام المواد (319 إلى 324) من قانون العقوبات المتعلقة بالجرائم المرتكبة بمناسبة الانتخابات قد ألغيت بمجرد صدور قانون الانتخابات العامة لعام 2014 ودخوله حيز النفاذ .