اختفت “الحمراء الطويلة” من السوق، لكنها حضرت في سوق آخر،هو السوق الأسود سيئ الذكر، ولم يتمكن الخبراء من كشف الشبكة التي تهرب الدخان الوطني من مراكز التوزيع النظامية إلى تجار الظل وسماسرة الأزمات الذين يبيعونها بأسعار مضاعفة..اختفى الضمير منذ زمن بعيد لكنه لم يظهر في السوق السوداء أسوة ببقية المواد، لأن الشبكة إياها لا تتاجر في البضاعة الخاسرة من شاكلة الضمير والأخلاق والرأفة بحال الناس!.
قصة الشبكات السرية التي تنشط منذ زمان بعيد أصبحت على كل لسان، ورغم أن الناس يعرفون الفاعل وأذرعه وتقنياته ومراميه، إلا أن ثقافة الشكوى أصبح ميئوساً منها لأن الشبكة لا تكتفي بأن تخرج منها مثل الشعرة من العجين، بل هي تمتد و”تتفرفد” وتوسع مجال عملها باتجاه مواد استهلاكية جديدة، لأنها عملياً تصبح أكثر خبرة في تسيير الأمور و”تزبيط” العلاقات ويصبح النيل منها من سابع المستحيلات كما يقولون!
ما جرى ويجري للحمراء الطويلة، سبق أن أصاب جميع المواد “المدعومة” التي كانت في كل مرة تتسرب بقدرة قادر إلى السوق السوداء، حتى قال البعض إنه من الأفضل توحيد السوقين في واحدة، بحيث لا تبقى هناك تلوينات في المبيع والشراء، لكن المشكلة كانت ترجع إلى القدرة الشرائية الضعيفة للمواطن، وهذا مرتبط أيضاً بالنكتة التي يطلقها المسؤولون عندما يقولون إن الأسعار لدينا أرخص من كل دول العالم متناسين ضرورة مقارنة الدخول ببعضها كما تقتضي الأصول..
في الماضي، عندما كان راتب المواطن يسنده إلى حد ما خلال الشهر، كان يذهب مباشرة إلى السوق السوداء ليريح رأسه من القيل والقال.. أما اليوم، فالخيارات محدودة والسوق السوداء أصبحت عشر نجوم، أما راتب الموظف فنصف نجمة وربما بصيص صغير يداريه طوال أيام الشهر كيلا ينطفئ فلا تنفعه حينها سوق سوداء أو بيضاء.. يا لطيف!.