هل يفعلها ؟!

مازلت حتى هذا التاريخ لم أقتنع بكل قضايا الدمج, وكنت من أشد المعارضين, لأنني أدركت منذ اللحظات الأولى التي أعلن فيها جهابذة التفكير الاقتصادي الدمج , أن العملية أشبه بالقضاء على القطاع العام ,وإفراغ مؤسساته من مضمونها الاجتماعي والاقتصادي , ولم أرَ فيه إلا مقبرة لفشل لبعض القيادات والإدارات في تصويب البوصلة نحو العمل الجيد والصائب في الرؤية والهدف.
وإيماني بالتخصص في العمل أساس النجاح والقوة , وخير مثال أصابع اليد الواحدة , وقوتها متضامنة , والحال ذاته ينطبق على مؤسسات التجارة الداخلية التي انتقلت بفعل الدمج من سبع مؤسسات تسويقية , إلى واحدة عاجزة عن تحقيق الأثر المطلوب لثلاث مؤسسات مدموجة , فكيف الحال بسبع مؤسسات كانت الذراع الأقوى للدولة في التدخل , وإحداث التأثير المطلوب, وخاصة في ظروف عقد ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي, رغم تشابه الظروف الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية , وبالتالي كل ما يحدث اليوم للتدخل الإيجابي كنا من السباقين في التحذير منه, ووصوله الى درك الهاوية.
ما يحدث اليوم في أسواقنا المحلية من فوضى في الأسعار, وعدم استقرار في تأمين المواد , وتداعيات سلبية فرضتها الحرب الكونية, والحصار الاقتصادي والعقوبات الظالمة, إلى جانب الحجم الكبير من المسؤولية الوطنية والاقتصادية لـ(السورية للتجارة) في ضبط إيقاع ما يحدث من تداعيات للتخفيف من آثارها على المواطنين , يؤكد بالدليل القاطع صوابية معارضتنا سابقاً لدمج المؤسسات التسويقية , والتي كانت بمنزلة أذرع الدولة القوية في السوق المحلية, والدور الهام الذي كانت تلعبه في ضبط إيقاع السوق , والحد من تدخلات بعض التجار التي يغلفها طابع الجشع والطمع , ومحاولات سرقة المواطن المستمرة.
ولا تقل عنها خطورة تلك الأصوات والآراء, وأصحاب الفكر الذين نادوا بدمج وتخريب المؤسسات, والوصول إلى هذه الحالة من الأداء الضعيف للتدخل الإيجابي , والتراجع في ضبط إيقاع السوق, وعدم فاعلية كل أسباب ومقومات التدخل التي تقوم بها السورية للتجارة , لأن فعل مؤسسة واحدة , ليس بفعل سبع منها.
والحال ذاته ينطبق على قطاع الحبوب ورغيف الخبز , فلا جدوى من حالات الدمج سوى الهدر الكبير, والخسارات المتلاحقة , وهذه أم المشكلات , فهناك حالة معقدة تنتظر وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك لإيجاد الحل , والعودة بالمؤسسات المدموجة إلى حضن التدخل الإيجابي , وزيادة أذرع الدولة في حماية أسواقها , فهل يفعلها وينهي مسلسل الخيبات المتلاحقة ..!؟
Issa.samy68@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار