تبديل طرابيش

تتنوع ثقافات الدول في معاقبة الفاسدين بين التشهير بهم أو ربطهم على الأشجار في وضح النهار وغيرها من العقوبات المحرجة ليكونوا عبرة لغيرهم ويتم القضاء على الفساد واقتلاعه من جذوره .
أما عندنا وللأسف باتت العقوبة وكأنها نوع من التكريم, حيث ينقل الشخص المقصر في عمله أو المسيء لما اؤتمن عليه إلى مكان آخر بدل أن نفضح فساده. ما يعني بالمختصر (تبديل طرابيش ).
ما يذكرنا بذلك قرارات عدة صدرت مؤخراً بنقل عدد من الموظفين لضعف أدائهم الوظيفي والمهني أو لارتكابهم مخالفات أثناء تأدية مهامهم، ولاسيما ممن يرتبط عملهم بشكل مباشر بمعيشة المواطنين، إلى أماكن أخرى قد تكون أفضل لهم وتفتح أمامهم باباً أوسع للفساد، لا يقتصر عليهم بل قد ينتقل إلى زملائهم بالعدوى, فكما هو معروف وحسب المثل الشعبي (إن حبة التفاح الفاسدة تؤدي إلى إتلاف كيس بأكمله ) .
وهنا نقول : أليس في مثل قرارات كهذه توسيع لدائرة انتشار فسادهم, ثم ألا يكفينا ما وصلنا إليه بسبب أفعال من شخصيات كهذه لا مسؤولة، همّها الوحيد جني الأموال مهما كانت الأثمان وسبل الوصول لذلك، وبالتالي إحباط المواطن وعدم ثقته بتلك القرارات باعتبار أن المقصر لم يلق العقوبة الرادعة والجزاء المناسب ؟
اليوم ومع سرعة انتشار أي خبر بإمكاننا اللجوء إلى وسائل رادعة عبر فضح الفاسدين في أي وسيلة مع الإفصاح عن مخالفاتهم وتقصيرهم، لو تم اللجوء إليها لخففت من حالات الفساد على جميع المستويات لا أن نكتفي بتبديل أماكن العمل ولاسيما أننا في ظروف أقل ما يقال عنها إنها صعبة وخانقة ولم يعد الوضع يحتمل أي نوع من التراخي والتقصير واقتناص الفرص لمصالح شخصية بحتة أو أن نحسب حساباً لعتب فلان أو غيره ونعمل على إرضائهم عبر قرارات قد تبدو في ظاهرها أنها عقوبة بينما مضمونها يشي بنوع من السعي للإرضاء والدلالة على أننا نعمل .
فكم يلزم في أيامنا هذه أكثر من أي وقت مضى التشدد في ضبط زمام الأمور واتخاذ أقصى العقوبات لمن لا يرتدع، علها تكون وسيلة ناجعة بما يخفف من حالات الفساد ويعيد الأمور إلى نصابها فهل سنشهد ذلك ؟

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار