قال الراحل ممدوح عدوان يوماً: “لا أثقُ بمن لا يضحك أو لا يحبُّ الضحك، وأكثر ما يغيظني هو الذي لا يفهم النكتة”. وكان ماركيز قال: “لا أثق بمن لا يقرؤون الأدب وهم ممن يخططون لحياة الآخرين ومستقبلهم. فمن لا يقرأ الأدب منهم لن يفهم مشاعر الناس وعواطفهم وحاجاتهم وطريقة استجاباتهم في الحياة”.
وكلما استرجعت هذين القولين أتذكر الكثير من المعنيين المتحكّمين في شؤون حياتنا، وكلما وقع الواقع القاسي فوق رؤوسنا مثل الصواعق أتذكّر هذين القولين. كأنه محكومٌ علينا ليس بالأمل كما قال سعد الله ونوس بل بمجموعة معنيين قادمين من كوكب الخيال العلميّ يفصّلون خططهم وبرامجهم التنفيذية على مقاس عقلوهم التي تمّت برمجتها هناك في سديم المجرّة بدل أن يكون سعيهم ومشاريعهم هو تقديم الممكن والمتاح بأقل الخسائر أو على الأقل عدم عرقلة ما يصحّ ويناسب من بوابات الروح والتنفّس أمام الناس وعدم التخبّط في إغلاق مشاريع كانت “فخر الصناعة السورية” مثلاً وغيرها من معامل ومؤسسات تمّت إماتته أو التضييق عليه وسحب مقوّمات العمل به .. لصالح جهات خاصة لها في كل عُرس قرص .. بل لها أكثر مما لأهل العريس من الفلاحين أو أهل العروس من المواطنين المكتوب عليهم أن يموتوا قهراً في الحالات والأزمنة كلّها.
يبدو أن الكثير من المعنيين في بلدنا ليس فقط لا يضحكون حتى للطرفة الجميلة ولا يقرؤون إلا فواتير عائداتهم المالية ولا تعنيهم بلدهم إلا بكونها فندقاً أو مطعماً… بل هم يعلمون بالضبط كيف يضحكون على عقولنا ولِحانا وكيف يقرؤون علينا وعلى مؤسسات القطاع العام الفاتحة كلما همَزَتْ لهم نفوسهم بالتهامِ ما تبقى منّا من دون ملح… فيما هم يُلْقونَ بالاتهامات على المواطن العنيد لتبرئة الذات من الأسباب والمسببات ومن التبعات والمآلات.