بعد السياسة والمال .. الإعلام هو السلطة
في الافتتاحية السابقة كان توصيف الإعلام على أنه صمام أمان القرارات الاقتصادية، وأن الحكومة يجب أن تكون لها منصاتها الإعلامية الحاضرة أبداً بين مواطنيها، تصدر عناوين الأحداث عامة وخططها المؤسساتية خاصة بكل شفافية وتنقل رسائلها بما يخدم مصالحها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، عبر منبر إعلامي يستحوذ على أفئدة الشارع وعقله من خلال الإيمان المطلق بالوطن والولاء لتفاصيله مجتمعة ( مؤسسات، بنى تحتية ومشاريع وأولوية إعمار وبناء ..).
لذلك كان الإعلام اليوم (صناعة) مثلها مثل الصناعات الثقيلة البترولية والنسيجية والطبية.. يجب أن يجتهد القائمون عليها لتحقيق مخرجات القناعة التامة بالمنتج الإعلامي الوطني في ظل سياسة إعلامية عالمية جعلت من العالم قرية صغيرة لاتعزلها الحدود الجغرافية والسياسية وبات الخبر مفتوح النطاق بوساطة أجهزة تقنية حديثة (أقلها الموبايل) استطاعت فرض حضورها على الأفراد وبكل مستوياتهم التعليمية وتسمياتهم الوظيفية .. لذلك كان لزاماً علينا التفوق بالحضور الإعلامي لمواكبة الأحداث العالمية ونقل الرسائل المحلية ـ الحكومية ـ والاستئثار بالجمهور أينما كان في الوطن أو في المغترب والتأثير عليه كي لا يسمح للإعلام البديل المسيّس ضده والجاهز أبداً لاستغلال أي فراغ لضخ رسائل مسمومة، فيها الكثير من التضليل والتزييف والكذب بهدف تكوين وعي زائف تجاه قضايانا وشؤوننا الداخلية.
الإعلام اليوم تخطى فكرة الإعلام التقليدي التي كانت مبنية على (فكرة – توثيق – صياغة – بث ..) بل صار وبفضل الموارد البشرية والتقنية المتطورة مخرجات صناعة ثقيلة ترتقي شكلاً ومضموناً لفكرة يجب أن تلامس الجمهور بطريقة تجمع مابين البساطة والاحترافية لتلج الأذهان وتصير بقدرة ماكينة إعلامية قابلة للتأثير وتطويع الرأي العام والإجابة عن كل الأسئلة الخدمية بشفافية.
لذلك كان للإعلام الاقتصادي شأن مهم بين صنوف الإعلام المختلفة المهمة جميعاً في سنوات الحرب والسلم في آن.
الإعلام الذي يجب أن يتلاحم مع كل القطاعات المؤسساتية لدوره الكبير والفعّال في حياة الأفراد والمجتمعات والإعلام الاقتصادي يساهم في تحريك الأسواق وتوجيهها ومن ثم التأثير في عجلة التنمية الاقتصادية لذلك كان من المهم العمل وبجدية ومسؤولية على الإعلام الاقتصادي ( نقل ـ تحليل ـ تفسير التغيّرات الاقتصادية وتداعيات القضايا المتصلة بالحالة الاقتصادية..) ليكون حاضراً كمّاً ونوعاً والتركيز على تقديمه كمنتج احترافي يلبي طموح الشارع الذي من حقه الحصول على المعلومة بما يخدم الدولة وإيصال رسائل الحكومة.
لذلك من المهم أن ننظر اليوم للإعلام كصناعة بمفهومها العملي من تخطيط وتحديث واستراتيجية ولطالما استطعنا توريد المناشف والبشاكير الحلبية لقصر باكنغهام فنحن قادرون على صنع مايُدهش في باقي القطاعات.